عادات وتقاليد الوثنيين ، في حين أنّه لم يكن كذلك ، فجاءت عبارة ـ «لا جناح» في الآية المذكورة لرفع الوهم الحاصل.
وكذلك في حالة المسافر ، من الممكن أن يتوهّم البعض أنّ قصر الصّلاة في السّفر قد يعتبر نوعا من المعصية ، فجاء القرآن الكريم في الآية بعبارة «لا جناح» لرفع هذا الوهم أيضا.
والنّقطة الثّانية : هي أنّ بعض الرّوايات قد أشارت إلى أنّ قصر الصّلاة في السّفر نوع من التسهيل الإلهي ، وتقتضي الأدب أن لا يرد هذا التسهيل ولا يتجاهل.
وفي روايات أهل السنّة نقل عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال في موضوع قصر الصّلاة : «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» (١).
كما ورد مثل هذا الحديث في مصادر الشّيعة حيث ينقل الإمام الصّادق عليهالسلام عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله بأن : الإفطار في السّفر وقصر الصّلاة فيه هديتان إلهيتان فمن انصرف عنهما أصبح رادّا لهدية الله (٢).
أمّا النّقطة الثّالثة : التي يجب الانتباه لها فهي أنّ بعض المسلمين قد تصوروا أن الآية (١٠١) من سورة النساء تبيّن حكم صلاة الخائف (أثناء الحروب وأمثال ذلك) ويستدلون لذلك بعبارة (إِنْ خِفْتُمْ) الواردة في الآية ، ولكن جملة (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) فيها مفهوم عام يشمل كل أنواع السّفر سواء كان من الأسفار الاعتيادية أو كان سفرا من أجل الجهاد ، والذي تناولته الآية التالية بصورة مستقلة.
إذن فعبارة (إِنْ خِفْتُمْ) ـ وكما أسلفنا ـ تعتبر نوعا من القيود أو الشروط
__________________
(١) جاء هذا الحديث في سنن البيهقي ، الجزء الثّالث ، ص ١٣٤ نقلا عن صحيح مسلم ، كما ورد في كتب التفاسير والفقه أيضا.
(٢) وسائل الشيعة الجزء الخامس ، ص ٥٤٠.