الغالبة ، حيث أنّ أغلب أسفار المسلمين في ذلك الزمان كانت مشوبة بالخوف والخطر ـ لذلك فلا دلالة على اقتصار الآية على الصّلاة في حالة الخوف ، بالإضافة إلى ذلك ، فإنّ الخوف من هجوم العدو موجود أثناء الحروب وليس في محلّه أن يقال لمن في ساحة الحرب (إِنْ خِفْتُمْ) من هجوم العدو ، وهذا دليل آخر على أنّ الآية تشير إلى جميع أنواع السّفر التي يحتمل أن يوجد فيها بعض الأخطار على المسافر.
كما يجب التنبيه إلى أنّ شروط صلاة المسافر لم ترد في القرآن ، كما لم ترد شروط وأوصاف بقية الأحكام الإسلامية فيه أيضا ، بل أشارت إلى ذلك السنّة الشريفة.
ومن هذه الشروط أنّ صلاة القصر لا تجب في الأسفار التي لا تبلغ المسافة فيها ثمانية فراسخ ، لأنّ المسافر في تلك الأيّام كان يقطع في اليوم الواحد مسافة الثمانية فراسخ بصورة اعتيادية.
والشرط الآخر هو أنّ المسافر الذي يتّخذ من السّفر حرفة لنفسه أو جزءا من برنامج حياته اليومية مستثنى من القصر في الصّلاة ، لأنّ السّفر بالنسبة إلى أمثال هؤلاء أمر اعتيادي ، وليس أمرا استثنائيا.
كما أنّ من يسافر من أجل ارتكاب معصية ، لا يكون مشمولا لحكم صلاة المسافر،أي لا يجوز له القصر في الصّلاة ، والسبب هو أن حكم القصر يعتبر نوعا من التسهيل الإلهي ، ولا يمكن أن يشمل هذا التسهيل من يسير في طريق معصية الله.
كما أنّ أي مسافر لم يصل إلى حدّ الترخيص (أي إلى النقطة التي لا يمكن سماع صوت أذان المدينة فيها ، أو لا يمكن مشاهدة أسوار المدينة عندها) لا يمكنه أن يقصر صلاته ، لأنّه في هذه الحالة لا يعد خارجا عن حدود المدينة ولا يعتبر في عداد المسافرين.