«الله مولانا ولا مولى لكم» ولما عجز أبو سفيان عن الردّ على هذا الجواب والشعار الإسلامي الحي تخلى عن صنمه «العزى» وعرج على صنم آخر هو «هبل» متوسلا إليه بقوله : «أعل هبل ، أعل هبل» فردّ عليه المسلمون بجواب قوي علّمهم إياه نبي الإسلامصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو : «الله أعلى وأجل».
فما أعيت أبا سفيان الحيلة ولم تجده شعاراته الوثنية نفعا قال صارخا : «موعدنا في أرض بدر الصغرى».
عاد المسلمون من ساحة القتال مثخنين بالجراح ، وحين كان يعتصرهم الألم من أحداث أحد ، نزلت الآية المذكورة أعلاه محذرة المسلمين من الغفلة عن المشركين مطالبة إياهم بملاحقة قوى الشرك دون كلل أو ملل ، وأن لا يتأثروا بحوادث مؤلمة كحادثة أحد،فهب المسلمون وهم في تلك الحالة لملاحقة العدو ، فما أن سمع المشركون بعزم المسلمين حتى أسرعوا الخطى مبتعدين عن المدينة وعادوا إلى مكّة (١).
إنّ سبب النّزول هذا يعلّمنا أنّ المسلمين يجب أن لا يغيب عن بالهم أنواع التكتيك الذي يستخدمه العدو ، وأن يواجهوا كل أسلوب حربي يتبعه العدو ، سواء الأسلوب القتالي أو النفسي بأسلوب إسلامي أقوى ، وأعنف من أسلوب العدو ، وأن يواجهوا منطق الأعداء بمنطق أقوى وأشد ، ويقابلوا سلاحهم بسلاح أمضى ، وحتى شعارات الأعداء يجب أن تقابل بشعارات إسلامية ضاربة ، وبغير ذلك فإنّ الرياح ستجري بما يشتهيه الأعداء.
ومن هذا المنطلق ، فإنّنا نحن المسلمين ـ بدلا من أن نجلس ونذرف الدموع على ما مر ويمر علينا من أحداث مؤلمة مريرة ، وما تشهده مجتمعاتنا من مفاسد رهيبة تحيط بهذه المجتمعات من كل جانب ، علينا أن نبادر بصورة فعالة إلى
__________________
(١) تفسير التبيان الجزء الثّالث ، ص ٣١٤ ، تفسير مجمع البيان ، الجزء الثّالث ، ص ١٠٥.