العمل ، فنواجه العدوان المكتوب بكتابات تدحضه وتقمعه ، ونواجه الإعلام الضال المسموم المضلل بأسلوب إعلامي يحبطه ويقضي على أمره ، ونقابل مراكز اللهو الخليع ببناء مراكز للهو البريء السليم لشبابنا وأبنائنا ، ونقرع الأفكار والأطروحات والمذاهب السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالفكر الإسلامي الجامع بأسلوب عصري يفهمه الجميع.
وإذا استطعنا أن نواجه أعداءنا بهذه الصورة فقد أفلحنا في الحفاظ على كياننا الإسلامي ، وفي أن نبرز للعالم بشكل مجتمع تقدمي أصيل.
التّفسير
أعقبت الآية ـ موضوع البحث هذه ـ الآيات السابقة التي تحدثت عن الجهاد والهجرة واستهدفت إحياء روح التضحية والفداء لدى المسلمين بقولها : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) وهذا تأكيد على ضرورة أن لا يواجه المسلمون عدوهم اللدود بأسلوب دفاعي ، بل عليهم أن يقابلوا هذا العدو بروح هجومية دائما ، لأنّ هذا الأسلوب الأخير له أثر قامع للعدو ومؤكد على معنوياته.
وقد جرّب المسلمون هذا الأمر في مواجهتهم للعدو بعد واقعة أحد التي هزموا فيها،فارغموا العدو على الفرار مع أنّه كان لم يزل يتلذذ بطعم الإنتصار الذي أحرزه في أحد. إذ لما علم المشركون بقدوم المسلمين خافوا من العودة إلى ساحة القتال ، وأسرعوا مبتعدين عن المدينة.
بعد ذلك تأتي الآية باستدلال حي وواضح للحكم الذي جاءت به ، فتسأل المسلمين لما ذا الوهن؟ فأنتم حين يصيبكم ضرر في ساحة الجهاد فإنّ عدوكم سيصيبه هو الآخر سهم من هذا الضرر ، مع فارق هو أنّ المسلمين يأملون أن يعينهم الله ويشملهم برحمته الواسعة ، بينما الكافرون لا يرجون ولا يتوقعون ذلك ، حيث تقول الآية : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ ...).