والعدالة بين الناس ، إذ تقول الآية : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ...).
ثمّ يحذّر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من حماية الخائنين أبدا بقوله : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً).
ومع أنّ الآية خطاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن ممّا لا شك فيه هو أنّ هذا الحكم حكم عام لجميع القضاة والمحكمين ، وبهذا الدليل فإنّ مثل هذا الخطاب ليس المفهوم منه أنّ النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم تبدر منه مثل هذه الأعمال ، لأن الحكم المذكور يشمل جميع الأفراد.
أمّا الآية الأخرى فهي تأمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى ، إذ تقول : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
وحول سبب الاستغفار المطلوب في هذه الآية توجد احتمالات عديدة ، هي :
الأوّل : إنّ الاستغفار هو لترك الأولى الذي حصل بسبب الاستعجال في الحكم في القضية التي نزلت بسببها الآيتان ، أي مع أنّ ذلك القدر من الاعتراف ، وشهادة الطرفين كان كافيا لإصدار الحكم من قبل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلّا أنّه كان الأحرى أن يجري تحقيق أكثر في ذلك المجال.
والثّاني : هو أنّ النّبي قد حكم في تلك القضية وفقا لقوانين القضاء الإسلامي ، وبما أنّ الأدلة التي جاء بها الخائنون كانت بحسب الظاهر أقوى ، لذلك أعطى الحق لهم ، وبعد انكشاف الحقيقة ووصول الحق إلى صاحبه يأتي الأمر بطلب المغفرة من الله ، ليس لذنب مرتكب ، بل لتعرض حق فرد مسلم إلى خطر الزوال بسبب خيانة البعض من الأشخاص (أي أن الاستغفار بحسب الاصطلاح ـ لأجل الحكم الحقيقي لا الحكم الظاهري).
وقد احتمل البعض أن يكون الاستغفار مطلوبا من طرفي الدعوى اللذين