ونرى في تفسير «البرهان» وتفسير «نور الثقلين» عشر روايات من طرق مختلفة حول نزول الآية في حق علي عليهالسلام أو في يوم غدير خم ، ونقل كل هذه الروايات يحتاج إلى رسالة منفردة (١).
وقد ذكر العلّامة السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه «المراجعات» أن الروايات الصحيحة المنقولة عن الإمامين الباقر والصّادق عليهماالسلام تقول بنزول هذه الآية في «يوم غدير خم» وإنّ جمهور السنّة أيضا قد نقلوا ستة أحاديث بأسانيد مختلفة عن النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم تصرح كلها بنزول الآية في واقعة غدير خم (٢).
يتّضح ممّا تقدم أنّ الروايات والأخبار التي أكّدت نزول الآية ـ موضوع البحث ـ في واقعة غدير خم ليست من نوع أخبار الآحاد لكي يمكن تجاهلها ، عن طريق اعتبار الضعف في بعض أسانيدها ، بل هي أخبار إن لم تكن في حكم المتواتر فهي على أقل تقدير من الأخبار المستفيضة التي تناقلتها المصادر الإسلامية المشهورة.
ومع ذلك فإنّنا نرى بعضا من العلماء المتعصبين من أهل السنّة كالآلوسي في تفسير «روح المعاني» الذي تجاهل الأخبار الواردة في هذا المجال لمجرّد ضعف سند واحد منها،وقد وصم هؤلاء هذه الرواية بأنّها موضوعة أو غير صحيحة ، لأنّها لم تكن لتلائم أذواقهم الشخصية ، وقد مرّ بعضهم في تفسيره لهذه الآية مرور الكرام ولم يلمح إليها بشيء ، كما في تفسير المنار ، ولعل صاحب المنار وجد نفسه في مأزق حيال هذه الروايات فهو إن وصمها بالضعف خالف بذلك منطق العدل والإنصاف ، وإن قبلها عمل شيئا خلافا لميله وذوقه.
وقد وردت في الآية (٥٥) من سورة النور نقطة مهمّة جديرة بالانتباه ـ فالآية تقول:(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
__________________
(١) راجع تفسير الآية في الجزء الأول من تفسير البرهان والجزء الأول من تفسير «نور الثقلين».
(٢) راجع كتاب «المراجعات» الطبعة الرابعة ، ص ٣٨.