الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ...) والله سبحانه وتعالى يقطع في هذه الآية وعدا على نفسه بأن يرسخ دعائم الدين ، الذي ارتضاه للمؤمنين في الأرض.
ولمّا كان نزول سورة النور قبل نزول سورة المائدة ، ونظرا إلى جملة (رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) الواردة في الآية الأخيرة ـ موضوع البحث ـ والتي نزلت في حق علي بن أبي طالب عليهالسلام ، لذلك كله نستنتج أنّ حكم الإسلام يتعزز ويترسخ في الأرض إذا اقترن بالولاية ، لأن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله ووعد بترسيخ دعائمه وتعزيزه ، وبعبارة أوضح أن الإسلام إذا أريد له أن يعم العالم كله يجب عدم فصله عن ولاية أهل البيتعليهمالسلام.
أمّا الأمر الثّاني الذي نستنتجه من ضمن الآية الواردة في سورة النور إلى الآية التي هي موضوع بحثنا الآن ، فهو أن الآية الأولى قد أعطت للمؤمنين وعودا ثلاثة :
أوّلها : الخلافة على الأرض.
والثّاني : تحقق الأمن والاستقرار لكي تكون العبادة لله وحده.
والثّالث : استقرار الدين الذي يرضاه الله في الأرض.
ولقد تحققت هذه الوعود الثلاثة في «يوم غدير خم» بنزول آية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...) فمثال الإنسان المؤمن الصالح هو علي عليهالسلام الذي نصب وصيّا للنّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودلت عبارة (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ...) على أن الأمن قد تحقق بصورة نسبية لدى المؤمنين ، كما بيّنت عبارة : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) إنّ الله قد اختار الدين الذي يرتضيه ، وأقرّه بين عباده المسلمين.
وهذا التّفسير لا ينافي الرواية التي تصرح بأنّ آية سورة النور قد نزلت في شأن المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وذلك لأنّ عبارة (آمَنُوا مِنْكُمْ) لها معنى واسع تحقق واحد من مصاديقه في «يوم غدير خم» وسيتحقق