قُمْتُمْ (١) إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
لم توضّح الآية مناطق الوجه التي يجب غسلها في الوضوء ، لكن الروايات التي وردت عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام قد بيّنت بصورة مفصلة طريقة الوضوء التي كانت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعمل بها.
١ ـ إنّ حدود الوجه طولا من منابت الشعر على الجبهة حتى منتهى الذقن ، وعرضا ما يقع من الوجه بين الأصبع الوسطى والإبهام ـ وهذا هو ما يسمّى ويفهم من الوجه عرفا، لأنّ الوجه هو ذلك الجزء من الجسم الذي يواجه الإنسان لدى التلاقي مع نظيره.
٢ ـ لقد ذكرت الآية حدود ما يجب غسله من اليدين في الوضوء ، فأشارت إلى أنّ الغسل يكون حتى المرفقين ـ وقد جاء التصريح بالمرفقين في الآية لكي لا يتوهم بأنّ الغسل المطلوب هو للرسغين كما هو العادة في غسل الأيدي.
ويتبيّن من هذا التوضيح أنّ كلمة «إلى» الواردة في الآية هي لمجرّد بيان حد الغسل وليست لبيان أسلوبه كما التبس على البعض ، حيث ظنوا أنّ المقصود في الآية هو غسل اليدين ابتداء من أطراف الأصابع حتى المرفقين (وراج هذا الأسلوب لدى جماعات من أهل السنة).
ولتوضيح هذا الأمر نقول : أنّه حين يطلب إنسان من صباغ أن يصبغ جدار غرفة من حد ارضيتها لغاية متر واحد ، فالمفهوم من ذلك أنّه لا يطلب أن يبدأ
__________________
(١) وردت روايات عديدة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام تؤكّد أنّ المراد بجملة «قمتم» هو القيام من النوم ، حيث لدى الإمعان في محتويات الآية يتأكد لنا هذا الأمر أيضا ، لأن الجمل التالية التي تبين فيها الآية حكم التيمم قد وردت فيها عبارة (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) ، فلو كانت الآية تبيّن في بدايتها حكم جميع من ليسوا على وضوء ، فإن عطف الجملة الأخيرة ـ وبالأخص ـ بحرف «أو» لا يتلاءم وظاهر هذه الآية ، لأنّ المقصود فيها يدخل ضمن عنوان من هو ليس على وضوء أيضا. أمّا إذا كان الآية في بدايتها تتكلم بصورة خاصة عن الذين يقومون من النوم ، أي أنها تبيّن فقط ما أصطلح عليه بـ «حدث النوم» فإن الجملة المذكورة تصبح مفهومة بشكل تام.