الصباغ عمله من تحت إلى فوق ، بل إنّ ذكر هذه الحدود هو فقط لبيان المساحة المراد صبغها لا أكثر ولا أقل ، وعلى هذا الأساس فإن الآية أرادت من ذكر حدود اليد بيان المقدار الذي يجب غسله منها لا أسلوب وكيفية الغسل.
وقد شرحت الروايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام أسلوب الغسل وفق سنّة النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو غسل اليدين من المرفق حتى أطراف الأصابع.
ويجب الانتباه إلى أنّ المرفق ـ أيضا ـ يجب غسله أثناء الوضوء ، لأن الغاية في مثل هذه الحالات تدخل ضمن المغيّى ، أي أن الحدّ يدخل في حكم المحدود (١).
٣ ـ إنّ حرف (ب) الوارد مع عبارة «برؤوسكم» في الآية يعني التبعيض ، كما صرّحت به بعض الروايات وأيده البعض من علماء اللغة ، والمراد بذلك بعض من الرأس، أي مسح بعض من الرأس حيث أكدت روايات الشيعة أنّ هذا البعض هو ربع الرأس من مقدمته ، فيجب مسح جزء من هذا الربع حتى لو كان قليلا باليد ، بينما الرائج بين البعض من طوائف السنّة في مسح كل الرأس وحتى الأذنين لا يتلاءم مع ما يفهم من هذه الآية الكريمة.
٤ ـ إنّ اقتران عبارة «أرجلكم» بعبارة «رؤوسكم» دليل على أنّ الأرجل يجب أن تمسح هي ـ أيضا ـ لا أن تغسل ، وما فتح اللام في «أرجلكم» إلّا لأنّها معطوفة محلا على «رؤوسكم» وليست معطوفة على «وجوهكم» (٢).
٥ ـ تعني كلمة «كعب» في اللغة النتوء الظاهر خلف الرجل ، كما تعني ـ أيضا ـ
__________________
(١) لقد ذكر «سيبويه» الذي هو من مشاهير علماء اللغة العربية أنّه متى ما كان الشيء الوارد بعد (إلى) والشيء الوارد قبلها من جنس واحد ، ويدخل هذا (المابعد) في الحكم ـ أمّا لو كانا من جنسين مختلفين فيعتبر خارجا عن الحكم ـ فلو قيل : أمسك إلى آخر ساعة من النهار ، يكون المفهوم من هذه الجملة أن الإمساك يشمل الساعة الأخيرة أيضا ، بينما لو قيل : أمسك إلى أول الليل فإن أوّل الليل لا يدخل ضمن حكم الإمساك (المنار ، ج ٦ ، ص ٢٢٣).
(٢) ليس هناك من شك بأنّ عبارة «وجوهكم» تفصلها مسافة كبيرة نسبيا عن عبارة «أرجلكم» لذلك يستبعد أن تكون الأخيرة معطوفة على «وجوهكم» ، إضافة إلى ذلك فإنّ الكثير من القراء قد قرءوا عبارة «أرجلكم» بكسر اللام.