والأصل في كلمة «نقيب» إنّها تعني الثقب الكبير الواسع ، وتطلق بالأخص على الطرق المحفورة تحت الأرض ، وسبب استخدام كلمة نقيب للدلالة على الزعامة ، لأنّ زعيم كل جماعة يكون عليما بأسرار قومه ، وكأنّه قد صنع ثقبا كبيرا يطلع من خلاله على أسرارهم ، كما تطلق كلمة نقيب أحيانا على الشخص الذي يكون بمثابة المعرف للجماعة،وحين تطلق كلمة «مناقب» على الفضائل والمآثر ، يكون ذلك لأنّ الفضائل لا تعرف إلّا عن طريق البحث والتنقيب في آثار الشخص.
وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ كلمة «نقيب» الواردة في الآية موضوع البحث إنما تعني ـ فقط ـ العارف بالأسرار ، لكننا نستبعد هذا الأمر استنادا لما يدلنا عليه التاريخ والحديث وهو أن نقباء بني إسرائيل هم زعماء الطوائف الإسرائيلية ، جاء في تفسير «روح المعاني» عن ابن عباس قوله : «إنّهم كانوا وزراء ثمّ صاروا أنبياء بعد ذلك». أي أنّهم كانوا وزراء للنّبي موسى عليهالسلام ثمّ نالوا منزلة النّبوة بعده (١).
ونقرأ في أحوال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه حين قدم أهل المدينة في ليلة العقبة لدعوتهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى منطقة العقبة ، أمر الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل المدينة لينتخبوا من بينهم اثني عشر نقيبا على عدد نقباء بني إسرائيل ، وبديهي أنّ مهمّة هؤلاء كانت زعامة قومهم وليس فقط إخبار النّبي بتقارير عن أوضاعهم (٢).
لقد وردت روايات عديدة من طرق السنة ، وهي تلفت الانتباه ـ لما فيها من إشارة إلى خلفاء النّبي الأئمّة الإثني عشر عليهمالسلام وبيان أن عددهم يساوي عدد نقباء بني إسرائيل ـ ننقل هنا قسما من هذه الروايات :
١ ـ ينقل «أحمد بن حنبل» ـ وهو أحد أئمّة السنّة الأربعة ، عن «مسروق»أنّه
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٦ ، ص ٧٨.
(٢) سفينة البحار ، في مادة «نقيب».