٤ ـ وبالإضافة إلى الشروط الثلاثة المذكورة أعلاه ، أن لا يمتنع بنو إسرائيل عن القيام ببعض أعمال الإنفاق المستحب التي تعتبر نوعا من معاملات القرض الحسن مع الله سبحانه وتعالى حيث تقول الآية : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً).
ثمّ أردفت الآية الكريمة ببيان نتائج الوفاء بالشروط المذكورة بقوله تعالى : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
كما بيّنت الآية مصير الذين يكفرون ولا يلتزمون بما أمر الله حيث تقول : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
لقد أوضحنا في الجزء الثّاني من تفسيرنا هذا لما ذا اصطلح القرآن المجيد على الإنفاق،أنّه قرض لله سبحانه؟
ويبقى في هذا المجال ـ أيضا ـ سؤال أخير وهو لما ذا تقدمت مسألتا الصّلاة والزكاة على الإيمان بموسى عليهالسلام ، في حين أنّ الإيمان يجب أن يسبق العمل؟
ويجيب بعض المفسّرين على هذا السؤال بقولهم : إن المراد بعبارة «الرسل» الواردة في الآية هم الأنبياء الذين جاءوا بعد النّبي موسى عليهالسلام وليس موسى نفسه ، لذلك فإن الأمر الوارد هنا بخصوص الإيمان بالرسل يحمل على أنّه أمرّ لمّا يستقبل من الزمان ، فلا يتعارض لذلك وروده بعد الأمر بالصّلاة والزكاة ، كما يحتمل ـ أيضا ـ أن يكون المراد بعبارة «الرسل» هم «نقباء» بني إسرائيل حيث أخذ الله الميثاق من بني إسرائيل بأن يكونوا أولياء معهم،(ونقرأ في تفسير «مجمع البيان» أنّ بعضا من المفسّرين القدماء ، احتملوا أن يكون نقباء بني إسرائيل رسلا من قبل الله ، ويؤيد هذا الاحتمال الرأي الأخير الذي ذهبنا إليه).
* * *