ويستدل من هذا الحديث أيضا على أنّ من سنّ سنّة سيئة ، سيبقى يتحمل وزرها ما دامت باقية في الدنيا.
ممّا لا ريب فيه أنّ قصّة ولدي آدم عليهالسلام قصّة حقيقية ، يثبتها ظاهر الآيات القرآنية الأخيرة والروايات الإسلامية ، كما أنّ عبارة «بالحق» الواردة في هذه القصّة القرآنية تعتبر شاهدا على هذا الأمر ، وعلى هذا الأساس فإنّ الأقوال التي افترضت لهذه القصّة طابعا رمزيا من قبيل التشبيه أو الكناية أو القصّة المفترضة لا أساس لها مطلقا.
ولا مانع من أن تكون هذه القصّة الحقيقية مثالا من الصراع الدائم الذي يطغى على المجتمعات البشرية ، حيث يقف في أحد جانبيه أناس جبلوا على الطهارة والصفاء والإيمان والعمل الصالح المقبول عند الله ، وفي الجانب الآخر يقف أفراد تدنسوا بالانحراف وجبلوا على الحقد والحسد والضغينة والبغضاء والعمل الشرير.
وكم هو العدد الكبير من أولئك الإبرار الأخيار الذين ذاقوا حلاوة الشهادة على أيدي هؤلاء الأشرار الذين سيدركون ـ في النهاية ـ فظاعة الأعمال الآثمة التي ارتكبوها،وسيسعون إلى إخفائها والتستر عليها ، فتظهر لهم في مثل هذه اللحظات آمالهم السوداء الشبيهة بالغراب ـ المذكور في الآية القرآنية الأخيرة ـ فتحثّهم وتدفعهم إلى إخفاء جرائمهم ، لكنّهم سوف لا يجنون في النهاية غير الخيبة والخسران.
* * *