١ ـ لقد أسلفنا القول بأنّ التوسل ليس معناه طلب الحاجة من النّبي أو الإمام ، بل المراد منه جعل النّبي أو الإمام شفيعا إلى الله في قضاء الحاجة ، وهذا الأمر ـ في الحقيقة ـ توجه إلى الله ، لأن احترام النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما هو من أجل أنّه رسول الله والسائر على هداه،والعجب هنا أن يدعي البعض أن هذا التوسل نوع من الشرك ، في حين أنّ المعروف عن الشرك هو القول بوجود من يشارك الله سبحانه في صفاته وأعماله ، والتوسل الذي تحدثنا عنه لا صلة له مطلقا ولا تشابه مع الشرك.
٢ ـ يصرّ البعض وجود الفرق بين حياة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة المعصومين عليهمالسلام وبين وفاتهم ، وكما رأيت فإنّ الكثير من الأحاديث السالفة كان يخص ما بعد وفاة النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، بالإضافة إلى ذلك فإن الفرد المسلم يعتقد بأن للنّبي والصالحين بعد وفاتهم حياة برزخية أوسع من الحياة الدنيا ، وقد صرّح القرآن في هذا المجال بخصوص حياة الشهداء، حيث أكّد أنّهم ليسوا أمواتا بل أحياء عند ربّهم (١) ....
٣ ـ وأصرّ آخرون على أنّ هناك فرقا بين طلب الدعاء من النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين القسم على الله بجاه النّبي ، فهؤلاء يجيزون طلب الدعاء ولا يجيزون ما سواه ، في حين لا يوجد بين هذين الأمرين أي فرق منطقي.
٤ ـ يسعى البعض من كتاب وعلماء السنة وبالأخص «الوهابيون» منهم ، وبعناد خاص ، إلى الادعاء بضعف جميع الأحاديث الواردة في موضوع التوسل ، أو تجاهلها بشتى الحجج الواهية.
وهؤلاء يبحثون هذا الموضوع بأسلوب خاص يظهر من خلاله لكل ناظر محايد أنّهم اختاروا في البداية هذا الإعتقاد لأنفسهم ، ثمّ يحاولون ـ بعد ذلك ـ فرضه على الرّوايات الإسلامية ويعمدون بشكل من الأشكال إلى إزاحة كل من يخالف معتقدهم هذا عن طريقهم ، وهذا الأسلوب المشوب بالعصبية ومجافاة
__________________
(١) آل عمران ، ١٦٩.