بعد ذلك تبيّن الآية أنّ العقوبة المذكورة هي جزاء من الله لجريمة السرقة المرتكبة من قبل الرجل أو المرأة ، حيث تقول : (جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ ...).
والحقيقة هي أنّ هذه الجملة القرآنية تشير.
أوّلا : إلى أنّ العقوبة المذكورة نتيجة لعمل الشخص السارق أو السارقة وأنّها شيء اكتسبه هو أو هي لنفسها.
وثانيا : إلى أنّ الهدف من تنفيذ هذه العقوبة هو وقاية المجتمع وتحقيق الحق والعدل فيه لأنّ كلمة «نكال» تعني العقوبة التي تنفذ لتحقيق الوقاية وترك المعصية ، وهذه الكلمة تعني في الأصل «اللجام» وتطلق أيضا على كل عمل يحول دون حصول الانحراف.
ولكي لا يتوهم الناس وجود الإجحاف في هذه العقوبة ، تؤكّد الآية ـ في آخرها ـ على أن الله عزيز ، أي قادر على كل شيء ، فلا حاجة له للانتقام من الأفراد ، وهو حكيم ـ أيضا ـ ولا يمكن أن يعاقب الأفراد دون وجود مبرر أو حساب لذلك ، حيث تقول الآية : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
أمّا الآية الثانية فهي تفتح لمن ارتكب هذه المعصية باب العودة والتوبة ، فتقول : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
والسؤال الوارد هنا هو : هل أنّ التوبة وحدها تكفي لغفران الذنب فقط ، أم أنّها تسقط عنه حد أو عقوبة السرقة أيضا؟
إنّ المعروف لدى فقهاء الشيعة أنّ مرتكب السرقة إن تاب قبل أن تثبت سرقته في محكمة إسلامية يسقط عنه حدّ السرقة أيضا ، أمّا إذا شهد عادلان على سرقته فإن التوبة لا تسقط عنه الحدّ.
والحقيقة هي أنّ التوبة ـ في هذه الحالة التي تطرقت لها الآية ـ هي تلك التي تتمّ قبل ثبوت الجرم في المحكمة ، ولو لا ذلك لتظاهر كل سارق بالتوبة لدى