ثبوت الجرم عليه ، بغية إنقاذ نفسه من الحدّ أو العقوبة ، فلا يبقى ـ والحالة هذه ـ مبرر لإجراء الحدّ عليه بعد التوبة!
وبعبارة أخرى : إنّ التوبة الاختيارية هي تلك التي تتمّ قبل أن يثبت الجرم في المحكمة بينما التوبة الاضطرارية هي التوبة التي تصدر من الإنسان العاصي لدى مشاهدته العذاب الإلهي، أو لدى بلوغه حالة الاحتضار ، ومثل هذه التوبة لا قيمة لها مطلقا.
ثمّ توجه الآية الأخرى الخطاب إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فتقول : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ويجدر الانتباه هنا إلى عدّة نقاط ، وهي :
أ ـ شروط معاقبة السارق :
لقد بيّن القرآن الكريم في الآيات الأخيرة التي تطرقت لحكم السرقة أساس للقضية،على عادته بالنسبة لسائر الأحكام ، وقد ترك التفصيل في ذلك إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والذي يستدل من مجموع الروايات الإسلامية هو أن تنفيذ هذا الحد الإسلامي (أي قطع اليد) مقيد بشروط كثيرة ، لا يجوز ـ بدون تحققها ـ المباشرة بإجراء الحدّ ، ومن هذه الشروط.
١ ـ أن يكون الحدّ الأدنى لثمن الشيء المسروق مبلغ ربع دينار (١).
٢ ـ أن تتمّ السرقة من مكان محفوظ ، أي أن تكون من دار أو محل للكسب أو من جيوب ومخابئ داخلية.
٣ ـ أن لا تكون السرقة في زمن الجفاف أو المجاعة التي يعاني الناس فيها
__________________
(١) الدينار الوارد في هذا الحكم يبلغ مثقالا شرعيا من الذهب المسكوك ويعادل ثمانية عشر حبة أي ثلاثة أرباع المثقال المتعارف.