السور الثانى : هو الذى بناه جمال الدين الأصبهانى ، وذلك على رأس الأربعين وخمسمائة.
السور الثالث : بناه السلطان الملك العادل ، وذلك أن المدينة الشريفة ضاقت بأهلها فلما قدم السلطان المذكور فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة إلى المدينة لسبب رؤيا رآها استغاث به أهل المدينة وطلبوا أن يبنى عليهم سورا يحفظهم ويحفظ مواشيهم فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم فبنى فى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وكتب اسمه على باب البقيع وهو باق إلى اليوم.
وقصة الرؤيا ما حكاه المطرى وغيره أن السلطان محمود رأى النبى صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرات فى ليلة واحدة وهو يقول له فى كل واحدة منها يا محمود انقذنى من هذين الشخصين الأشقرين (ق ١٤٨) اتجاهه فاستحضر وزيره قبل الصبح فذكر له ذلك ، قال : هذا أمر حدث بالمدينة ليس له غيرك فتجهز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك حتى دخل المدينة الشريفة على غفلة من أهلها وزار وجلس فى المسجد لا يدرى ما يصنع فقال له وزيره : أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال : نعم. فأمره بالصدقة وطلب الناس عامة وفرق عليهم ذهبا وفضة ، وقال : لا يبقين أحد بالمدينة إلا جاء فلم يبق إلا رجلين مهاجرين من أهل الأندلس نازلين فى الناحية التى تلى قبلة حجرة النبى صلىاللهعليهوسلم من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فطلبهما للصدقة فامتنعا ، فجد فى طلبهما فجىء بهما فلما رآهما قال : هما هذان فسألهما عن حالهما فقالا : جئنا للمجاورة؟ فقال : اصدقانى. وتكرر السؤال حتى أفضى إلى معاقبتهما فأقرا أنهما من النصارى وأنهما وصلا لكى ينقلا من فى هذه الحجرة المقدسة باتفاق من ملوكها ووجدهما قد حفرا نقبا من تحت الأرض من تحت (ق ١٤٩) حائط المسجد القبلى وهما قاصدان إلى جهة الحجرة الشريفة ويجعلان التراب فى بئر عندهما فى البيت الذى هما فيه فضرب أعناقهما عند الشباك الذى فى شرقى حجرة النبى صلىاللهعليهوسلم خارج المسجد ثم أحرقا آخر النهار وركب وتوجه إلى الشام. انتهى والله أعلم.