جشم بن الخزرج ، وكان قد أصاب ملكا بالشام وشرفا فشكا إليه الرمق حالهم وغلبة اليهود لهم وما يتخوفون منهم وانهم يخشون أن يخرجوهم.
فأقبل أبو جبيلة فى جمع كثير لنصرة الأوس والخزرج ، وعاهد الله تعالى ألا يبرح حتى يخرج من بها من اليهود ويذلهم أو يصيرهم تحت أيدى الأوس والخزرج فسار وأظهر أنه يريد اليمن حتى قدم المدينة وهى يومئذ يثرب فلقيهم الأوس والخزرج وأعلمهم ما جاء به.
فقالوا : إن علم القوم ما تريد تحصنوا فى آطامهم فلم تقدر عليهم ولكن تدعوهم للقائك وتلطفهم حتى يأمنوك ويطمئنوا فتستمكن منهم ، فصنع لهم طعاما وأرسل إلى وجهائهم ورؤسائهم فلم يبق من وجهائهم إلا أتاه وجعل الرجل منهم يأتى بحاشيته وحشمة رجاء ان يحبوهم الملك.
وكان قد بنى لهم حيزا وجعل فيه قوما وأمرهم من دخل عليهم منهم أن يقتلوه حتى أتى على وجهائهم ورؤسائهم (ق ٩) فلما فعل ذلك عزت الأوس والخزرج بالمدينة واتخذوا الديار والاموال.
وانصرف أبو جبيلة وتفرقت الأوس والخزرج فى عالية المدينة وسافلها ، وكان منهم من جاء إلى عفاء من الأرض لا ساكن فيه فنزله ، ومنهم من لجأ إلى قرية من قراها واتخذوا الأموال والآطام ، وكان ما بنوا من الآطام مائة وسبعة وعشرين أطما ، وأقاموا كلمتهم واحدة وأمرهم مجتمع.
ثم دخلت بينهم حروب عظام وكانت لهم أيام ومواطن وأشعار ، فلم تزل تلك الحروب بينهم حتى بعث الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم فأكرمهم الله تعالى بأتباعه والأوس والخزرج حيان ينسبان الى قطحان لأن من قطحان افترقت سبع وعشرون قبيلة منهم الاوس والخزرج وهما الانصار وهو جمع نصير وسموا انصارا حين آووا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونصروه.
وعنه صلىاللهعليهوسلم : «أسلمت الملائكة طوعا والأوس والخزرج طوعا وجميع العرب كرها».