قصدته وفود العرب بالتهنئة وخرج اليه وفد قريش وفيهم عبد المطلب الى صنعاء وهو فى قصرة المعروف بعمدان ، فلما دخلوا عليه وأنفق ما أنفق قال سيف لعبد المطلب إنى وجدت فى الكتاب المكنون والعلم المخزون الذى اخترناه لأنفسنا دون غيرنا خبرا جسيما وخطرا عظيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة وهو للناس عامة ولرهطك كافة وللخاصة ، ثم قال : اذا ولد بتهامة غلام به علامة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة ولو لا أن الموت يجتاحنى قبل مبعثه لسرت بخيلى ورجلى حتى أصير يثرب دار ملكى فإنى أجد فى الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب استحكام ملكه وأهل نصرته (ق ١٤) وموضع قبره ، ولو لا أنى أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأوطأته العرب ، ولكنه صارف إليك ذلك عن غير يقين من معك ، ثم أمر لكل واحد من قومه بجائزة وأجاز عبد المطلب بأضعافها ثم قال : ائتنى بخبره وما يكون من أمره على رأس الحول ، فمات سيف قبل ان يحول عليه الحول.
وقد جاء فى بعض الأحاديث : أخبرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن صفته فى التوراة : «عبدى أحمد المختار مولده بمكة ومهاجره بالمدينة» أو قال طيبة «أمته الحمادون لله تعالى على كل حال» وقيل معنى قوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى)(١) اى ضالا عن الهجرة فهداك إليها ، وقيل وجدك ضالا بين مكة والمدينة فهداك إلى المدينة.
وقيل فى قوله عزوجل : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ)(٢) ان السائحين المهاجرون وقيل لم يهاجر صلىاللهعليهوسلم حتى طلب الهجرة لقوله تعالى (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) (ق ١٥) (نَصِيراً)(٣) فالداعى محمد صلىاللهعليهوسلم والقرية مكة والولى والنصير الأنصار.
__________________
(١) ٧ ك الضحى ٩٣.
(٢) ١١٢ م التوبة ٩.
(٣) ٧٥ م النساء ٤.