كانت اقامته بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة ، ومروا على خيمة أم معبد (١) الخزاعية فى قديد (٢) وكانت امرأة برزة جلدة تحتبى وتجلس بفناء الخيمة أو القبة ثم تسقى وتطعم فسألوها تمرا ولحما ليشتروه فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وإذا القوم مرملون مسنتون.
فقالت لو كان عندنا فى بيتى ما أعوزكم القرى ، فنظر النبى صلىاللهعليهوسلم إلى شاة فى كسر خيمتها فقال ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فقالت شاة خلفها الجهد عن الغنم. فقال : هل بها من لبن؟ فقالت هى أجهد من ذلك قال صلىاللهعليهوسلم : أفتأذنين لى أن أحلبها؟ قالت : نعم بأبى أنت وأمى إن رأيت بها حلبا ، فدعى النبى صلىاللهعليهوسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله تعالى وقال اللهم بارك لها فى شاتها فتفاجت ودرت واجترت فدعى النبى صلىاللهعليهوسلم بإناء ينهض الرهط فحلب فيها حتى علاه إليها ، ويروى الثمال فسقاها فشربت حتى رويت (ق ٢٠) وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم ، وقال ساقى القوم آخرهم شربا ، فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى رضوا ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء ثم عاده عندها ثم ارتحلوا عنها بعد أن بايعها.
فقل ما لبث ان جاء زوجها أبو معبد (٣) اكتم بن أبى الجون يسوق أعنزا عجافا تساوكن هؤلاء ويروى تساؤك هزلا ، فلما رأى أبو معبد اللبن وقال من أين لك هذا أم
__________________
(١) هى أم معبد الأنصارية ، روت عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه كان يدعو : «اللهم طهر قلبى من النفاق ، وعملى من الرياء وعينى من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور». ثقة.
(٢) اسم موضع قرب مكة ، قال ابن الكلبى : لما رجع تبع من المدينة بعد حربه لأهلها نزل قديدا فهبت ريح قدت خيم أصحابه فسمى قديدا.
انظر معجم البلدان : ٤ / ٣١٣ ـ ٣١٤.
(٣) الثابت هو نافذ أبو معبد مولى ابن عباس ، حجازى ، روى عن مولاه. ثقة.
مات بالمدينة سنة ١٠٤ ه.
انظر تهذيب التهذيب.