أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقنى لها ، اللهم إن كنت (ق ٧٥) وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لى شهادة ولا تمتنى حتى تقر عينى فى بنى قريظة ، وكان راميه خبال بن الحرفة رماه بسهم فى عضده أصاب أكحله فانقطع فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بضرب فسطاط فى المسجد لسعد ، فكان يعوده كل يوم.
استشهد يومئذ من المسلمين ستة من الأنصار ولم يزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه على ما هم عليه من الخوف والشدة حتى هدى الله تعالى نعيم بن مسعود (١) أحد بنى غطفان للإسلام ، ولم يعلم أصحابه ، وخدع بين بنى قريظة وقريش وغطفان ، ورمى بينهم الفتن ، وبعث الله تعالى عليهم الريح فى ليالى باردة فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم فرجعوا إلى بلادهم وكان مجيئهم وذهابهم فى شوال سنة خمس من الهجرة ، ويروى أنهم لما وقفوا على الخندق قالوا : إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ويقال إن سلمان أشار به على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال محب الدين : والخندق اليوم باق وفيه قناة تأتى من عين بقباء إلى النخل الذى (ق ٧٦) بأسفل المدينة المعروف بالسيخ حول مسجد الفتح ، وقد انظم أثره وتهدمت حيطانه.
قال الشيخ جمال الدين : وأما اليوم فقد عفا أثر الخندق ولم يبق منه شىء يعرف إلا ناحية لأن وادى بطحان استولى على موضع الخندق فصار مسلة فى موضع الخندق.
قال عفيف الدين المرجانى : وفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة أرانى والدى رحمهالله باقى جدار الخندق.
__________________
(١) هو نعيم بن مسعود الأشجعى أبو سلم صحابى أسلم يوم الخندق ، وقصته مشهورة فى تحزيب الأحزاب ، روى عنه ابنه سلمه.
قتل يوم الجمل مع على.