فلما سمع النبى صلىاللهعليهوسلم ضرب الخندق على المدينة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه كما ثبت فى صحيح البخارى ، واشتدت عليهم صخرة فى الخندق فشكوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعا بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله تعالى أن يدعو به ثم نضح ذلك الماء على تلك الصخرة فانهالت حتى عادت كالكثيب لا ترد فأسا ولا مسحا ، ولم يزل المسلمون يعملون فيه حتى اتموه وحفره رسول الله صلىاللهعليهوسلم طولا من أعلى وادى بطحان غربى الوادى مع الحرة إلى غربى المصلى ، مصلى العيد ، ثم إلى مسجد الفتح ثم إلى الجبلين الصغيرين اللذين فى غربى الوادى ، يقال لأحدهما رابح وللآخر جبل بنى عبيد.
وأقبلت قريش وكنانة ومن تبعهما من الأحابيش فى عشرة آلاف حتى نزلوا بمجتمع السيول من رومة وادى العقيق وقائدهم أبو سفيان ، وأقبلت غطفان وبنو أسد ومن تبعها من أهل نجد حتى (ق ٧٤) نزلوا بذنب نقمىء إلى جانب أحد ما بين طرفى وادى النقمى وقائدهم عيينة بن حصن ، وأتى الحارث بن عوف فى بنى مرة ومسعود بن رحيلة فى أشجع ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون فى ثلاثة آلاف حتى جعلوا ظهورهم إلى جبل سلع ، وضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبته على القرن الذى فى الجبل غربى سلع موضع مسجده اليوم ، ثم سعى حيى بن أخطب حتى قطع الحلف الذى كان بين بنى قريظة وبين النبى صلىاللهعليهوسلم وأجابوه لحرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاشتد الخوف واشتد الحصار على المسلمين وكان فى ذلك ما قص الله تعالى بقوله : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ....)(١) الآيات.
فأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمشركون بضعا وعشرين ليلة لم يكن لهم حرب إلا الرمى بالنبل إلا الفوارس من قريش فإنهم قاتلوا فقتلوا وقتلوا ، وأصاب سعد بن معاذ سهم فحسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم جرحه فانتفخت يده ونزف الدم ، فلما رأى ذلك قال : اللهم إن كنت
__________________
(١) ١٠ م الأحزاب ٣٣.