عشر يوما ، فإن أهل مصر يهيئون الأكفان والحنوط ويكتبون وصاياهم ، لأنهم يعلمون بأنه سيعقبها وباء عام مهلك (١) ، (إِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)(٢).
وقد ضرب العرب المثل بثعابين مصر ، ولو لم يكن النمس موجودا ـ وذلك الحيوان عدو الثعابين ـ لهلك أهل مصر بالثعابين ، فعندما يدنو النمس من الثعبان ، يحاول الثعبان أن يبتلعه ، فينفخ النمس فيه نفخة ، يقطعه فيها إلى نصفين (٣) ، سبحان المقدر لما يشاء.
وأفاعي سجستان مثل ثعابين مصر ، وقد قالوا : أفاعي سجستان ، كبارها حتوف ، وصغارها سيوف (٤) ؛ وكان مما عاهد عليه [٣٠] أهل سجستان العرب أن لا يقتلوا القنفذ ، لأنهم إن قتلوه ، فلن تكون لهم قدرة على أفاعي تلك البلاد (٥).
ويوجد في البطائح (٦) بعوض يهجم على الإنسان النائم ، فيمتص دمه ويأكل لحمه ، فلا يبقى منه في اليوم التالي إلا عظام خالية من اللحم والدم.
ويكون الشتاء في مدينة همذان في غاية الرداءة ، كما قال الشاعر (٧) :
__________________
(١) في التنبيه والإشراف (ص ١٧) «ويقع الوباء إذا دامت المريسية بمصر .... المريسية مضافة إلى بلاد مريس من أوائل أرض النوبة في أعالي النيل وهو صعيد مصر».
(٢) سورة الأنعام ، الآية ١٧.
(٣) نسب الدميري (حياة الحيوان الكبرى ، ٢ / ٣٧٣) إلى الجاحظ المعلومة الخاصّة بما يفعله النمس بثعابين مصر (انظر أيضا : البلدان لابن الفقيه ، ١١٨).
(٤) نسب هذا الكلام لأبي الليث شبيب بن شبة البصراوي كما في حياة الحيوان الكبرى (١ / ٤١).
(٥) في فتوح البلدان (٢ / ٤٩٥) أنه كان في كتاب صلح سجستان «أن لا يقتل لهم ابن عرس لكثرة الأفاعي عندهم».
(٦) البطائح : أرض واسعة بين واسط البصرة (معجم البلدان ، ١ / ٦٦٨ ـ ٦٦٩) ، وهي مناطق أهوار.
(٧) القصيدة لأبي عبد الله الحسين بن خالويه وهي في يتيمة الدهر (١ / ١٣٦) وكذلك في ثمار القلوب (١ / ٥٥٥).