والفقيه الرئيس أبو عبد الله محمد بن يحيى هذا ، هو الذي دعا جد جدي الإمام أبا القاسم عبد العزيز بن الإمام يوسف بن جعفر النّيسابوريّ (١) من نيسابور إلى بيهق بالإنعام والإكرام ، وارتبط معه بالمساعي الخيرة ، وكانت بينهما مكاتبات في الإخوانيات ، تظهر فيها آثار صفاء الاعتقاد والاتحاد ، وأغلب تلك الكتب والرسائل محفوظ لدي.
وسبب تلك الصداقة ، أن الرئيس الفقيه أبا عبد الله كان في نيسابور يختلف إليه ، ويستضيء بمصابيح علومه ، ويستفيد من غرر علومه ، وإن الإفادة والاستفادة تثمر السعادة في الدارين ، ولم تنسخ الأمة هذه الطريقة بأية حادثة ؛ لأن المفيد والمستفيد أشد احتياجا للمحاورة والمجاورة ، واللقاء والمذاكرة ، كالكبد الظمآن إلى الماء ، والنبات الذابل إلى صوب السحاب.
[٩٢]تلك العهود بأسرها مختومة |
|
بين الفؤاد وعقدها لم يحلل (٢) |
وقد قيل لذي القرنين الإسكندر الرومي : ما بالك تعظم أستاذك أكثر مما تعظم أباك؟ فقال : لأن أبي كان سبب وجودي بتقدير الله تعالى ، وأستاذي كان سبب سعادتي في الدنيا والآخرة ، وسبب جودة وجودي.
__________________
(١) سيرد اسمه كاملا لدى المؤلف وهو : أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن كشمرد. يوجد تطابق في الاسم والكنية بينه وبين أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف الذي عدّه الصاحب بن عباد من كتاب الدنيا وبلغاء العصر (يتيمة الدهر ، ٢ / ٢٩٢ ، ٣٦٩) وترجم له الثّعالبيّ تحت عنوان ذكر ثلاثة من كتاب آل بويه يجرون مجرى الوزراء ، وفي الكناية والتعريض (ص ٢٤) سماهم الثّعالبيّ بلغاء العصر وأفراد الدهر ، ولا ندري إن كان هذا هو ذاك.
(٢) في نفح الطيب ، ١ / ١٥ بلا عزو ، وفيه :
تلك العهود بشدها مختومة |
|
عندي كما هي ، عقدها لم يحلل |