أهل الناحية في عهده الميمون وأيامه السعيدة ملابس الأمن والأمان ، وصل الصغار والكبار بظل إقباله إلى مناهم ، واستجاب لنداء الضعفاء والمساكين بتخليصهم من أيدي أصحاب القلاع (١) ، واتجه لحربهم مرات عديدة ، ومنها حينما هجم فوج منهم بغته على ششتمد ليلة عيد الأضحى في سنة سبع وتسعين وأربع مئة ، قتلوا حاكم القرية المعلى بن أبي الفتح المظفر بن أبي الحسن علي بن محمد بن أحمد البازرقان مع عشرين دهقانا مسالما ، وهم الشيخ أبو الحسن بن مسعود بن أبي الحسن البازرقان ، والشيخ أحمد بن أبي سعدك ، ومحمد بن القاسم ، وأخوه علي بن القاسم ، وعلي ومحمد وإسماعيل أبناء أبي الحسن بن محمد بن إسحاق ، ومحمد بن أمير ، وأخوه أبو الحسن ، والحسن بن أحمد النجار ، وغيرهم ، وكان هؤلاء قد غادروا القرية ، فالتقوا على نشز من الأرض بين ششتمد وزميج ، وقتل هؤلاء العشرون هناك ، فنزل الغم على أهل هذه الناحية ، وتغلبت لواعج هذه المصيبة على العزائم القوية ، ورفعت الستار عن الصبر والتحمل ، فالتجأ الجميع إلى رب العزة وطلبوا العون من هذا الأمير ، فنهض للانتقام ، وأدى ما عليه من شرط حظ الرعايا ودفع الأذى عنهم ، وزين أيامه بهذا المسعى ؛ ثم جمع جيشا جرارا من المشاة والفرسان ، وقصد قلعة بيار التي كان مستحفظها علي بن حميد البياريّ ، في شهر شوال.
وفي ذي القعدة سنة إحدى وخمس مئة جاء رجل عجوز إليه وقال إنه يحمل رسالة من الري ، وبهذه الحيلة وصل إليه وطعنه بسكين فجرحه ، فلم يبق بعد هذا الجرح إلا أياما ، وتفرق عسكره عن تلك القلعة ، وابتلي بالكسوف نور شمس
__________________
(١) هم الإسماعيلية ، وضمن حوادث ٤٩٨ ه من الكامل في التاريخ (٩ / ٨٤) توجد غارة لجمع كثير من الإسماعيلية على النواحي القريبة من بيهق «أكثروا فيها من القتل في أهلها والنهب لأموالهم والسبي لنسائهم».