سنة ، ودفن بتربتهم جوار الشيخ العارف محيى الدين بن عربي رحمهالله تعالى.
ثم درّس بها القاضي الرئيس إمام الدين عبد العزيز أبو محمد ابن قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محمد بن الزكي أخو المتقدم. قال الصلاح الصفدي : درس بالتقوية والعزيزية ، وهو أحد من ولي نظر الجامع غير مرة ، وكان صدرا رئيسا محتشما مليح الشكل ، وعين للقضاء ، قرأ عليه البرزالي مشيخة أبي شهر بروايته حضورا عن إبراهيم بن خليل (١) ، مولده سنة أربع وخمسين وستمائة ، وتوفي كهلا سنة تسع وتسعين وستمائة انتهى.
ثم درّس بها المعمر الصالح كمال الدين محمد بن القاضي محيى الدين بن الزكي. قال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيل العبر سنة أربع وأربعين وسبعمائة : ومات الكمال ابن الزكي القرشي الشافعي مدرّس التقوية والعزيزية عن سن غالية ، وسمع من ابن البخاري وغيره ، ودرّس بعده بالتقوية القاضي الإمام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن السبكي وأخذ في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) انتهى. وقد تقدمت ترجمة القاضي الامام تاج الدين هذا في دار الحديث الأشرفية الدمشقية.
ثم درس بها الإمام العلامة المصنف الجامع بين أشتات العلوم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان الصرخدي نيابة ، لكن لا أعلم عمن ناب ، أخذ العلوم عن مشايخ ذلك العصر ، وممن أخذ عنه الشيخ شمس الدين ابن قاضي شهبة ، والشيخ عماد الدين الحسباني ، وأبو العباس العنابي ، وكان أجمع أهل البلد لفنون العلم ، أفتى ودرس واشتغل وصنف غير أن لسانه كان قاصرا ، وقلمه أحسن من لسانه ، وكان حظه من الدنيا قليلا لم يحصل له شيء من المناصب ، وإنما درس بالتقوية هذه والكلاسة نيابة ، وله تصدير بالجامع ، وكان ينصر مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري (٢) كثيرا ويعادي الحنابلة ، وصنف شرح المختصر ثلاثة أجزاء واختصر إعراب السفاقسي واعترض عليه
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٩٢.
(٢) شذرات الذهب ٢ : ٣٠٣.