الدين محمد بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد بن جابر الأنصاري الدمشقي المعروف بابن الصائغ ، ميلاده في المحرم سنة ست وسبعين (بتقديم السين) وستمائة ، وقرأ التنبيه ، ولازم حلقة الشيخ برهان الدين الفزاري زمانا ، وسمع الكثير ، وحدث ، سمع منه البرزالي وخرّج له جزءا من حديثه وحدّث به ، ودرّس بالعمادية كما سيأتي وبالدماغية هذه ، وجاءه التقليد بقضاء القضاة في سنة سبع وعشرين ، فامتنع وأصرّ على الامتناع فأعفي ، ثم في سابع عشر شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ، وولي خطابة القدس الشريف وخطب بها في الثاني والعشرين من شهر رمضان عوضا عن زين الدين بن جماعة بمقتضى تركه واختياره العود إلى القاهرة ، وطلب بدر الدين أن يكون عوضه في المدرستين الدماغية والعمادية بدر الدين بن غانم فأجيب ووقع المذكور ثم ترك الخطابة المذكورة.
وقال الذهبي : الإمام القدوة العابد ، كان مقتصدا في أموره كثير المحاسن ، حجّ غير مرة. وقال ابن رافع : كان على طريقة حميدة ، وعنده عبادة واجتهاد وملازمة للصلحاء والأخيار ، وإعراض عن المناصب ، وكان معظما مبجلا وقورا ، توفي رحمهالله تعالى بدمشق في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة ، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. ثم درّس بها ولده نور الدين محمد. قال السيد في ذيل العبر في سنة أربع وأربعين وسبعمائة : وولي قضاء الشافعية بحلب شيخنا الزاهد قاضي القضاة نور الدين محمد بن محمد بن الصائغ. ودرّس بعده في الدماغية بدمشق القاضي جمال الدين السبكي ، وأخذ في قوله تعالى : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً) الآية انتهى. توفي رحمهالله نور الدين المذكور بحلب قاضيا بها في سنة تسع وأربعين وسبعمائة. والقاضي جمال الدين المذكور هو الإمام جمال الدين أبو الطيب الحسين ابن شيخ الإسلام تقي الدين السبكي ، ولد بمصر في شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ، وأحضره والده على جماعة من المشايخ ، وسمع البخاري على الحجار لما ورد مصر ، وتفقه على والده وعلى الشيخ السنكلاني وغيره ، وأخذ النحو عن أبي حيان ،