والأصول عن الأصفهاني ، وقدم دمشق مع والده سنة تسع وثلاثين ، ثم طلب الحديث بنفسه ، وقرأ على المزي والذهبي ، وأخذ الفقه عن الشيخ شمس الدين ابن النقيب ، ثم رجع إلى مصر ودرّس بالهكارية ، ثم عاد إلى دمشق وأفتى ، وناظر وناب عن والده في أوائل سنة خمس وأربعين ، ودرّس بالشامية البرانية والعذراوية والدماغية هذه ، وبعدة مدارس غيرها ، وكان من أذكياء العالم يحكم جيدا ، نظيف العرض من قضاة العدل ، عجبا في استحضار كتاب التسهيل والحاوي الصغير ، توفي في دمشق في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبعمائة قبل والده بتسعة أشهر ، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. ثم ولي تدريسها قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي ، وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. ثم درّس بها الإمام العلامة صدر المدرسين وأوحد المناظرين شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الخطيب شهاب الدين أحمد خطيب يبرود ومدرّس الشامية البرانية خمس عشرة سنة ، كما سيأتي ، ميلاده سنة إحدى وسبعمائة ، واشتغل على الشيخين برهان الدين الفزاري ، وكمال الدين بن قاضي شهبة ، وأخذ عن محيي الدين بن أبي جهل ، وكمال الدين بن الزملكاني أيضا. وأخذ العربية عن الشيخ نجم الدين القحفازي ، والأصول عن الشيخ شمس الدين الأصفهاني ، وبرع في الأصول ، وشارك في العلوم ، ودرّس وأفتى قديما سنة ست وثلاثين بتربة أم الصالح كما سيأتي ، وناب في الحكم عن القاضي جلال الدين القزويني في ولايته الثانية ، ثم توجه إلى الديار المصرية فصادف وفاة الشيخ شمس الدين بن اللبان ، فاستقرّ عوضه في تدريس قبة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ، وتدريس جامع الحاكم ، فباشرهما مدة سنة ، ثم نزل عنهما للقاضي بهاء الدين بن السبكي بحكم نزول أخيه القاضي جمال الدين (١) له عن تدريس الشامية البرانية ، وقدم وباشر التدريس المذكور أزيد من تسع سنين ، ثم ناقل قاضي القضاة تاج الدين بن السبكي منه إلى تدريس المسرورية والدماغية وغيرهما ، ثم نزل عن وظائفه بدمشق وتوجه إلى الحجاز في سنة ستين ، فجاور بالمدينة المنورة (٢) على
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ١٦٣.
(٢) شذرات الذهب ٦ : ٢٤٢.