القضامي ، وكان قبل ذلك بأسبوع قدم من مصر على قضاء الحنفية رجل إسكندري يقال له ابن عطاء الله ، فأعقبه وصول توقيع ابن العز قبل أن يباشر ، ففي مدة عشرة أيام كان بدمشق ثلاثة قضاة حنفية وعزلوا ، وولي القاضي شهاب الدين فيها مرتين ، وهذا من عجيب الاتفاقات ، ثم عزل في أواخر سنة عشرة عند إرادة الملك المؤيد الخروج من مصر لقتال نوروز ، ثم ولي نظر الجيش في شوال سنة ثمان عشرة وثمانمائة ، ثم أعيد في الشهر المذكور إلى القضاء وجمع له بين الوظيفتين ، ثم عزل بعد مباشرته نظر الجيش ست سنين وأربعة أشهر في صفر سنة خمس وعشرين ، واستمر في القضاء إلى أن عزل في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ، بعد مباشرته في هذه المرة ثلاث عشرة سنة وثمانية أشهر ، ثم أعيد إلى القضاء وهي الولاية السادسة في شعبان سنة أربع وثلاثين ، واستمر يباشر إلى حين وفاته ، ومباشرته في ولاياته الست نحو تسع عشرة ونصف ، وبعد قتل القاضي نجم الدين بن حجي طلب إلى مصر بسبب ذلك هو والسيد ابن النقيب أي نقيب الأشراف ، فقيل إنه ظهرت براءة ساحته من ذلك ، ومع ذلك غرم لهم جملة مستكثرة نحو أربعة آلاف دينار ، وكان جريئا مقداما سديد الرأي لا يبالي ما يقول ولا ما يفعل ، ولا يتأثر بما يغرم من الأموال.
حكي لي أنه غرم من سلطنة المؤيد إلى سلطنة الملك الظاهر ططر سبعين ألف دينار ، وغرم بعد ذلك أموالا كثيرة ، وكان يتهم بأن ذلك مما أخذوه من أموال الناس في الفتنة ، وحصل أملاكا كثيرة ، وأخذ غالب مدارس الحنفية تدريسا ، وأنظار الخاتونيتين والقصاعين والنورية والصادرية وغير ذلك من عامر وخراب ، ثم إن الصفدي انتزع منه القصاعين والصادرية ، فلما عزل الصفدي استعادهما ، ولما جاء السلطان في هذه السنة سعى الصفدي في المدرستين المذكورتين فرسم له بهما ، فسعي المذكور إلى أن القاضي شمس الدين الصفدي يسكن النورية والصادرية ، وانتقل القاضي ونوابه من النورية وحصل له بذلك نكاية عظيمة.
وقال في مرض موته : ما ملك فقيه في زماني من النقد ما ملكت : ملكت مائتي مملوك ومائتي جارية. وكان كثير الاسراف على نفسه شديد التخليط والله