غفور رحيم ؛ غير أنه كان لا يأخذ في القضاء شيئا لا هو ولا نوابه ، وكان كثير المداراة للظلمة وأعدائه ، والوفود إلى أبوابهم والخضوع لهم ، وكان يتجبر على غيرهم ، وكان ذكيا يتكلم في العلم جيدا لكن من غير حاصل ، ويستحضر جملة من التاريخ ، توفي بمسكنه بالصالحية آخر ليلة الخميس السابع منه ، وصلي عليه من الغد بجامع الخاتونية ، وحضر جنازته النائب والحجاب والقضاة وخلق من الناس ، ودفن بتربتهم غربي المدرسة المعظمية ، سامحه الله وإيانا ، وعامله وإيانا بفضله وكرمه لا بعدله انتهى. ثم قال في شهر ربيع الآخر منها : وفي يوم الأحد ثاني عشره آخر النهار وصل الخبر بولاية القاضي شمس الدين ابن القاضي شهاب الدين بن الكشك قضاء الحنفية عوضا عن والده ، وجاء كتابه إلى القاضي ركن الدين بالمباشرة ، فباشر من الغد انتهى. ثم قال في جمادى الأول منها : وفي يوم الاثنين مستهله دخل القاضي شمس الدين ابن القاضي شهاب الدين بن العز إلى دمشق لابسا خلعة القضاء ، وجاء إلى النائب فسلم عليه ، ثم ذهب إلى الجامع ومعه القضاة والحجاب وكاتب السر وغيرهم ، وقرىء توقيعه بالجامع على العادة المذكورة ، وقرأه عماد الدين بن السرميني وفيه استمراره لما كان بيده ويد والده من التداريس والأنظار انتهى.
ثم قال في صفر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة : وفي يوم الأربعاء سابع عشره وصل هجان ومعه توقيع بقضاء الحنفية أيضا للقاضي شمس الدين في القبول وأرسل النائب إليه من الغد ليلبس الخلعة فامتنع لأنه جاء في كتابه أنه يؤخذ منه ألف وخمسمائة دينار وخمسمائة للمستقر ، وذلك على القضاء بمجرده ، والمذكور لا يأخذ على القضاء شيئا. فآل الحال به بعد أيام أنه سافر إلى مصر انتهى.
ثم قال في شهر ربيع الآخر منها : وفي ليلة الجمعة ثالثه وصل إلى دمشق القاضي شمس الدين الصفدي الحنفي من القاهرة وقد اجتمع بالسلطان واعتذر عن ولايته فأعفي من ذلك ، وذلك بعد أن نقص عنه من الألفين المذكورة خمسمائة فلم يقبل ، ورجع وحمده الناس على ذلك ولكن تأذى منه المباشرون انتهى.