أما أسلوبه المتبع في رحلته فهو الصدق والدقة والمناقشة المعتمدة على الحجة والمنطق والهجاء اللاذع.
وحفلت الرحلة بالكثير من الأبيات الشعرية سواء لأدباء وعلماء لقيهم أو ما كان يخصه. فالعبدري اهتم بعلم التاريخ وخاصة تراجم العلماء وكان صائبا في الحكم على بعض علماء عصره إصابة أثبت التاريخ صحتها في مدحه لهم وإعلاء شأنهم : مثل ابن خميس شاعر تلمسان ، والدباغ القيرواني صاحب كتاب معالم الإيمان وروضات الرضوان في مناقب المشهورين من صلحاء القيروان ، وابن دقيق العيد (١).
ومن جملة مميزات الرحلة أيضا اهتمامه بالتدقيق في الآثار القديمة والتصوير الدقيق للحالة الاجتماعية والدينية التي كانت عليها البلاد الإسلامية في ذلك الوقت" فهو يدرك بالنظرة الواحدة ما لا يدركه غيره بالتأمل الطويل" (٢).
إضافة إلى اعتنائه بالجانب الاقتصادي في المدن التي زارها. فقد كتب رحلته بلغة سليمة تنم عن إحاطته بمفرداتها ودقائق أمورها.
ومن خلال مناقشاته للمواضيع التي تناولها ظهر لنا العبدري العالم المتبحر المشارك في مختلف فنون العلم (٣). ومما يؤخذ عليه كثرة ذمه للناس وأخلاقهم. أما فيما عدا ذلك فالعبدري كان دقيق الحكم فيما يختص بالأوضاع الدينية والعلمية إلا ما ندر ، وهذا عائد الى قصر الفترة التي مكثها في المناطق التي أصدر عليها حكمه.
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٣ ، ٦٦ ـ ٦٧ ، ١٣٢ ، ١٣٨.
(٢) حسين مؤنس : الجغرافية والجغرافيون في الأندلس ، ص ٥٢٣.
(٣) العبدري : الرحلة المغربية ، المقدمة ، ص غ.