بصورة واضحة بحيث يكون السامع كالناظر. وأضاف قائلا : إنه سيورد ما استفاده من أخبار وقصائد ونكات وغيرها من الأمور التي تتمم هدف الرحلة بحيث يكون مؤلفه هذا مغنيا عن غيره. وأكد على أنه سيؤيد أقواله بالأحاديث التي رواها والآثار التي شاهدها متبركا بإثباتها وإثبات الفضلاء من رواتها (١).
وقد سار في تقييده على ما رسمه لنفسه ، فمن ذلك نقده اللاذع وذمه المقدح لأهل المدن التي مر بها بسبب قلة اهتماماتهم العلمية فجعل جل اهتمامه منصبا على هذه الناحية.
فأخذ يتقصى ويمعن البحث عن العلماء في كل مدينة يصلها وقد عزا انصراف الناس عن العلم وندرة حامليه إلى" الملك الذي قوض دعائمه وصدعت قوائمه ، وقال : إن من ادعاه فاته معناه ، ما لهم منه إلا أسماؤه وكناه ، لا يأمن بهم طريق ولا يستفيد بهم غريق ، ولا يذكر منهم أصيل في المجد عريق ، ولا تندى أكفهم بنائل ، ولا تصون عن الابتذال وجه فاضل ، ولا ينصف بهم مظلوم ، ولا يقرع بأسيافهم ظلوم" (٢).
وبهذا يصور حال البلاد الإسلامية السياسية التي مر بها أصدق تصوير.
كما أصاب في التحقيقات الجغرافية الدقيقة ، إضافة إلى وصفه المتقن للمدن فهو في هذه الناحية يضاهي أغلب الجغرافيين الذين اعتمدوا في مؤلفاتهم على النقل في حين أنه اعتمد على مشاهداته ، فوصفه للمناظر والمراحل التي مر عليها كان وصفا جميلا محكما عاكفا على تصحيح أخطاء شائعة وردت في مؤلفات سابقة ، بشيء من التوسع ، مع بيان الصحيح منها وإبداء رأيه بالاعتماد على المنطق المرتكز على الحجج العقلية والبراهين التاريخية. ويظهر لنا العبدري الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في محاربته للبدع المخالفة للقرآن الكريم والسنة المطهرة دلالة على فهمه الصحيح للدين.
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١ ـ ٢.
(٢) المصدر السابق ، ص ٣ ـ ٤.