الكومين قبر أبي رغال" (١) ، وهنا أخطأ التجيبي فأبورغال كان دليل أبرهة في حملته التي أراد بها هدم الكعبة فهلك فيمن هلك ، ودفن بين مكة المكرمة والطائف في مكان يسمى المغمس (٢). وقد مر النبي صلىاللهعليهوسلم بقبره فأمر برجمه فصار ذلك سنة (٣). والمغمس خارج مكة المكرمة فكيف يكون قبره بكدي.
امتاز التجيبي بوصفه الدقيق للمسجد الحرام وإشاراته عن الزيادات الملحقة به ، وقصة بناء الكعبة ، وحفر بئر زمزم ، ونسب بني شيبة سدنة البيت الحرام ، إضافة لوصف مكة المكرمة وما قيل في أسمائها وفضلها والأحاديث النبوية الواردة في هذا الشأن مع العناية بذكر الناحية الاجتماعية.
وقد أجاد التجيبي في وصف حالة مكة المكرمة الدينية والعلمية مع مراعاة التسلسل الزمني للأحداث ، وإضافة الجديد ووضعه في مكانه المناسب ، مثل ذكره لوفاة أبي نمي وبناء ميضأة حول الحرم وتولي أبناء أبي نمي الحكم بعده.
وعمل التجيبي على تحقيق الأحاديث النبوية والتنبيه على ذلك وإيراد كرامات الصالحين ، ولقاء العلماء والترجمة لهم.
وقد نبه التجيبي على خطأ ابن جبير في قوله إن مولد الحسن والحسين رضياللهعنهما بمكة المكرمة. كما نبه إلى وهم العامة من أهل مكة على الشجرة الموجودة فوق جبل أبي قبيس والتي قيل أن النبي صلىاللهعليهوسلم بويع تحتها.
وتتبع أيضا أماكن وجود المساجد بمكة المكرمة ووصفها ، ووصف الأماكن والمشاعر المقدسة والجبال وما قيل في تاريخها (٤). وتميز أسلوبه بالسهولة والوضوح وعدم التكلف في صياغة الجمل الإنشائية وملئها بالسجع. وقد امتاز التجيبي بعنايته الفائقة في الوصف والتدقيق لكل ما يشاهده ؛ ولعله خص القسم الثالث المفقود من رحلته للحديث عن المدينة المنورة ، ولعله تناول فيه الكثير
__________________
(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٢٤ ، انظر تعريفه فيما بعد ، ص ٢١٨.
(٢) انظر تعريفه فيما بعد ، ص ، ٢١٨.
(٣) الأزرقي : تاريخ مكة ، ج ١ ، ص ١٤٢ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٣ ، ص ٥٣ ، ج ٥ ، ص ١٦١.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٦ ، ٢٤٨ ، ٣٠٧ ، ٣٣٤ ، ٣٥١ ، ٣٤٩ ـ ٣٥٠.