به ضبط موارد الرحلة الحجازية وذكر معاهد الوجهة المشرقية ابتغاء مرضاة الله. وبين أنه سيذكر بعض شيوخه من العلماء والفضلاء والبلغاء ، وأنه سيذكر نبذا من فوائدهم وطرفا من أناشيدهم (١).
وقد سار البلوي في رحلته وفق منهجه فظهرت بالصورة التي حددها وبذلك وصفها المقري. وإن كان لسان الدين ابن الخطيب قد انتقص من قدرها وقال عنها : «إنه جلب أكثر كلامه في رحلته من كلام العماد الأصبهاني (٢) وغيره». وقد أوضح المقري سبب تحامل ابن الخطيب على البلوي ، كونه منحرفا عنه ، ولكنه لم ينكر فضله وعلمه ، وهذا ما أثبته المقري (٣).
وأوضح محقق الرحلة أن البلوي كتب رحلته وتناقلها الناس ثم عنّ له أن يكتبها مرة ثانية وعرضها على أصدقائه من العلماء فقرظوها وهي التي احتفظ بها حفيده ونشرها من جديد.
لذا فهناك اختلافات في النسخ التي وجدت ، كما بين محقق الرحلة أن مصدر الرحلة نابع من تجربة البلوي الشخصية ، وأنه لم يعتمد على ما جاء في كتب الرحالة والمؤرخين السابقين. وهذا القول ربما ينطبق على النواحي الأدبية والسياسية والاقتصادية والتاريخية والاجتماعية. أما فيما يتعلق بالنواحي الوصفية ، فالأمر يختلف ، خاصة وأن من يقرأ وصف البلوي لبعض المشاهد ، ووصف ابن جبير لها يرى مدى التطابق التام في الكلمات المستخدمة مما يؤيد أنه نقل منه ولعله استفاد أيضا من غيره من الرحالة الوصفيين ، خاصة وأن بعض الرحالة السابقين الذين اتبعوا منهج الرحلات الوصفية على
__________________
(١) المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ١٥٩ ـ ١٦١ ، ج ١ ، ص ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٢) محمد بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله بن اله عماد الدين أبو عبد الله بن صفي الدين أبي الفرج بن نفيس الدين أبو الرجاء الكاتب الأصفهاني المعروف بابن أخي العزيز ولد بأصبهان سنة ٥١٩ ه / ١١٢٥ م برع بالفقه وأتقن النحو والأدب وسمع الحديث ، اتصل بصلاح الدين وكانت مكانته تضاهي الوزراء توفي مستهل رمضان سنة ٥٩٧ ه / ١٢٠٠ م بدمشق برع في الشعر والنثر وإن غلب على نثره كثرة الجناس. انظر الصفدي : الوافي بالوفيات ، ج ١ ، ص ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٣) ابن الخطيب : الإحاطة ، ج ١ ، ص ٥٠٠ ، المقري : نفح الطيب ، ج ٢ ، ص ٥٣٣.