وكذلك الحرابة (١) أتباع الأمير مكثر ، بالإضافة إلى الفتن الواقعة بين سودان أهل مكة المكرمة وبين الحجيج من أهل العراق والشام ومصر حيث شاهد ابن جبير إحداها سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م فقال" حدثت بين سودان أهل مكة المكرمة وبين الأتراك العراقيين فتنة وقعت فيها جراحات وسلّت السيوف والعصي ورميت السهام وانتهبت بعض أمتعة التّجار بمنى" (٢). وأكّد وقوع هذه الحادثة الجزيري في حوادث سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م (٣) كما قيد ابن جبير بعض حوادث أشارت إلى علاقات مكة المكرمة الخارجية ومنها تبعّيتها للدولة العباسية من خلال التزام الخليفة العباسي بإرسال كسوة الكعبة وما يتبع ذلك من أمور تتعلق بالخطباء والمؤذنين (٤) حيث كان الدعاء فيها على المنابر للخليفة العباسي أبي العبّاس أحمد الناصر (٥) يليه أمير مكة المكرمة مكثر بن عيسى ثم لصلاح الدين أبي المظفر يوسف بن أيوب (٦) ولولي عهده أبي بكر ابن
__________________
(١) (الحرابة) هم حاملوا الحراب من الأعراب وهم أتباع أمير مكة المكرمة. انظر ابن جبير : الرحلة ، ص ١٥٧ ؛ عبد القدوس الأنصاري : مع ابن جبير في رحلته ، ص ١٨٤.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٥٧.
(٣) الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٥٧٤.
(٤) ابن جبير الرحلة ، ص ٥٧.
(٥) أبو العباس أحمد بن الحسن المستضيء بن المستنجد يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد ابن المقتدر بويع بالخلافة يوم الأحد ثاني ذي العقدة سنة ٥٧٥ ه / ١١٧٩ م فأخذ الأمر بقوة وكانت وفاته يوم السبت ثاني شوال سنة ٦٢٢ ه / ١٢٢٥ م ومدة خلافته ست وأربعون سنة وأحد عشر شهرا وأربعة وعشرون يوما ، وكان فاضلا عالما أديبا حسن الرأي والتدبير حسن السياسة ذا فكرة جيدة يباشر بنفسه الأمور ويطلع على أحوال الرعية وما كان يحتجب على عادة من تقّدمه. انظر ابن دقماق : الجوهر الثمين ، ج ١ ، ص ٢١٤ ـ ٢١٥.
(٦) السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن مروان بن شاذي الحميدي الرديني تولى وزارة العاضد بعد موت عمه أسد الدين شير كوه ولما ملك مصر انقطعت دولة الفاطميين وملك بلاد الشام ودولته أربعا وعشرين سنة مات بقلعة دمشق في صفر سنة ٥٨٩ ه / ١١٩٣ م افتتح بسيفه من اليمن إلى الموصل ومن طرابلس الغرب إلى التوبة كان كريما حليما رحيما حسن الخلق متواضعا صبورا لطيفا قليل التكبر ويحضر مجلسه الفقهاء والفقراء ، بنى المدارس وسور القاهرة وخلّص بيت المقدس من أيدي الفرنج. انظر المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ١٣ ـ ١٩.