ومن ضمن سلطات الشريف بمكة المكرمة تعيين وعزل سدنة بيت الله الحرام ، وأشار ابن جبير إلى قيام الشريف مكثر بالقبض على زعيم آل الشيبي محمد بن إسماعيل ، وذلك راجع إلى قيامه ببعض أعمال أوجبت عزله.
ولم يلبث الشريف أن أعاد محمد بن إسماعيل إلى سدانة البيت الحرام ، عقب افتدائه لنفسه ، بمبلغ خمسمائة دينار ، ولكن وصل أمر عزل هذا السادن نهائيا من قبل الخليفة العباسي ببغداد ، وتعيين ابن عمه مكانه (١).
والواقع أن هذه الحادثة تدلّ على يقظة الشريف فيما يتعلق بالأمور الدينية والقائمين عليها إلى جانب تغاضيه عن الأخطاء مقابل مبلغ من المال.
كما تظهر مدى تبعيّة مكة المكرمة للدولة العباسية بل وتدخّلها حتى في عزل وتولية سدنة بيت الله الحرام ، وعدم قدرة الأشراف الخروج على ذلك.
كما لم تغفل كتب الرحّالة الإشارة إلى الصراع القائم بين الأمراء الأشراف في بلاد الحجاز على السلطة ومحاولتهم الوصول إليها بمختلف الوسائل إلى جانب اشتراك اثنين في إدارة شؤون البلاد : ومثال ذلك الصراع على السلطة ، ودور الشريف أبي نمي فيها ، وما حدث بين رميثة وحميضة (٢).
والملاحظ أن الأمر لم يكن مقصورا على مكة المكرمة ، بل نجده واضحا في المدينة المنورة في عهد طفيل بن منصور وكبيش ، واشتراك مقبل في الإمارة مع أخيه منصور عقب مقتل كبيش (٣).
كما لقب الشريف أبو نمي أثناء الدعوة له على منابر الحرم الشريف «بذي الرئاستين مالك الحرمين الشريفين" (٤). ولعلّه دلالة على امتداد سلطته إلى المدينة المنورة.
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤٢ ، ١٤٥ ، ١٥٧ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ٤١٤ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٤٨ ـ ٥٥١.
(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٥ ـ ٣٠٧ ـ راجع ما سبق ص ١٦٢ ـ ١٦٥.
(٣) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٤. انظر ما سبق ص ١٨٠.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٤.