على أن هذا الجذع قد فقد بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم ولم يجده أبو بكر رضياللهعنه في حين وجده عمر ابن الخطاب أثناء خلافته عند رجل بقباء قام بدفنه حتى أكلته الأرضة فأخذ له عمر ابن الخطاب عمودا فشقه وأدخله فيه ثم شعبه ورده بموضعه فلما زاد عمر بن عبد العزيز في القبلة جعله في المحراب (١).
ومن العجيب إشارة العبدري أن عمر بن الخطاب رضياللهعنه قام بأخذه من رجل أخفى أمره فأعاده إلى مكانه ، ووجه العجب هنا ما عرف عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه بتخلصه مما يمكن أن يؤدي إلى فتنة الناس إذ أنه هو الذي أمر بقطع الشجرة التي تمت بيعة النبي صلىاللهعليهوسلم تحتها خوفا من الفتنة فكيف يسعى لشيء يؤدي إليها!؟
إضافة إلى أن ابن النجار ذكر أن الجذع غار وذهب بعد ما خيره الرسول صلىاللهعليهوسلم بين أن يغرس بالجنة وبين أن يرد إلى مكانه فينمو مرة أخرى فاختار أن يكون في الجنة وكان الجذع في موضعه وعلى حاله زمن الرسول صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر رضياللهعنهما. ولما هدم عثمان بن عفان رضى الله عنه المسجد اختلف في الجذع فقيل أخذه أبي بن كعب وقيل دفن في موضعه (٢).
وقد جاءت إشارة إلى وجود الجذع زمن السمهودي. حيث ناقش هذا الموضوع مناقشة مستفيضة مؤيدا ما ذهب إليه ابن النجار وأنكر وجوده لا سيما وإن المسجد النبوي قد تعرض لحريقين الأول سنة ٦٥٤ ه / ١٢٥٦ م والثاني سنة ٨٨٦ ه / ١٤٨١ م فيستحيل بالتالي سلامته (٣).
والحاصل أنها الأوهام التي علقت بأذهان الناس ومنهم الرحالة ابن جبير والعبدري وابن بطوطة حول الجذع الذي حنّ إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم غير أن الواقع
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢١٩ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٦ ـ ٢٨٧. ونلحظ من قول العبدري جهل الحجاج به وحرصهم على ذلك قائم على التقليد.
(٢) ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ٧٨.
(٣) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ١ ، ص ٣٨٠ ـ ٣٨٢ ، ج ٢ ، ص ٥٨٩ ـ ٦٣٣.