أما في زمن رحلة ابن جبير فكانت الكسوة مرسلة من بغداد وتسلم لزعيم آل الشيبي ويقومون بوضعها على الكعبة المشرفة وتميزت الكسوة بلونها الأخضر اليانع يزين أعلاها رسم أحمر عريض وعقب وضع الكسوة ترفع جوانبها لصيانتها من عبث الأعاجم (١).
ونلاحظ اختلافا كبيرا بين ما وصفه ابن جبير وما وصفه التجيبي في كسوة الكعبة المشرفة وإحرامها وربما بدأ الأمر كما ذكر ابن جبير برفع جوانبها وتسميته إحراما إلى أن وصل الأمر إلى تقطيع أستارها زمن رحلة التجيبي ولا يزال إلى الوقت الحاضر القيام بما يسمى بإحرام الكعبة المشرفة حيث تغسل الكعبة وترفع أطراف ثوبها إلى ثلثها تقريبا مع وضع قماش أبيض محيط بها يكون آخر أطراف ثوبها المرفوع. والقماش الأبيض علامة الإحرام ويكون هذا العمل في الخامس من ذي الحجة ولا ينزع عنها القماش الأبيض إلا يوم عيد الأضحى حيث توضع الكسوة الجديدة مع رفع جوانبها أيضا إلى نهاية شهر محرم حفظا لها من الأيدى. وقد ذكر إبراهيم رفعت أن الكعبة المشرفة يوضع عليها إزار أبيض علامة الإحرام (٢). فنرى أن الأرجح في بداية هذا الأمر كما ذكر ابن جبير.
وتطرّق ابن بطوطة إلى الحديث عن بعض جوانب الحياة الاجتماعية في مكة المكرمة إذ انفرد بذكر ما لم يذكره غيره وأضاف إليه ما عاينه وشاهده مع الإشارة إلي ما هو باق على حاله إلى جانب العادات التي طرأ عليها التغيير بالمقارنة مع الرحالة الآخرين. فمن ذلك أن المقام الكريم ثبت في مكانه ولم يعد محفوظا في الكعبة المشرفة كما في زمن رحلة ابن جبير ويظهر أنه أقيم عليه بناء. فقد ذكر ابن بطوطة أن عليه قبة أسفلها فتحة. مغلقة بأعمدة حديد تبعد عن المقام قدر ما تصل أصابع الإنسان في حالة دخولها إلى
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٢) إبراهيم رفعت : مرآة الحرمين ، ج ١ ، ص ٤١.