المسافة والمشقة (١). وطالبا بأدب (٢) وسائلا إياه أن يعلمه مما علمه الله تعالى واشتراطه بعدم الاستفسار مما يراه مخالفا لشريعته (٣) مقابل ذلك يفسر له ما غمض عليه ويمضي السرد القرآني إلى أن يفترقا (٤). ومن الآيات السابقة نستنتج أن الاستزادة من العلم واجبة على الإنسان ووجوب السعي والرحلة لأخذ المزيد منه فكليم الله تعالى رحل لتحصيل علم لا يعرفه. وقد كان بمقدوره تعالى إحضار العبد الصالح إلى موسى عليهالسلام لتعليمه ، ولكنه سبحانه وتعالى أراد توضيح أن العلم يتطلب البحث والانتقال لطلبه.
وقد اختلف القول في شخصية العبد الصالح أهو الخضر أم غيره ، ولكن ثبت في حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رواه ابن عباس أنه الخضر (٥).
إن الله تعالى خالق كل شيء ومدبره ومسخره للإنسان وبالتالي وضع في الإنسان الدافع لاستكشاف كل ما حوله والاستفادة منه في معرفة عظمة الخالق (٦) ، قال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(٧).
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة للتفكر والتدبر : أولا في خلق الله تعالى ثم السعى لرؤية المزيد ترسيخا لإيمان الإنسان ومنعا من المعاصي الموجبة للسخط والعذاب (٨).
__________________
(١) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٢٧٨.
(٢) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١١ ، ص ١٧ ؛ سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٢٧٩.
(٣) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج ٣ ، ص ٩٥.
(٤) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١١ ، ص ٩ ـ ٢٣ ؛ سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٢٧٩.
(٥) البخاري : صحيح البخاري بحاشية السندى ، ج ١ ، ص ٢٥.
(٦) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٦ ، ص ١٦ ؛ سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج ٥ ، ص ٣٢٢٦ ـ ٣٢٢٧.
(٧) القرآن الكريم : سورة الجاثيه ، ٤٥ / ١٣.
(٨) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٠٣٥.