بينما نجد أن سبب خروج الرحالة ابن جبير الأساسي هو الحج ، مع حرصه الدائم على حضور المجالس العلمية المعقودة في المدن التي مر بها ، إلا أنه أغفل الحديث عن هذا الجانب وما كان يجري فيها من مناظرات أو دروس مثلما حدث معه عند ما كان في مدينة بغداد (١).
لذا لا يمكننا أن نطلق على رحلة ابن جبير لفظ رحلة علمية على الرغم من أن ابن جبير كان واضع الأسس والمقومات للرحلة وتأليفها. وقد اقتفى نهجه الرحالة المغاربة الذين جاءوا من بعده. أما الرحالة العبدري فسبب رحلته الرئيس الحج ولكنه سعى إلى لقاء العلماء والحصول على الإجازات منهم.
واحتوت رحلة العبدري على شيء من التفصيل والتوسع بخلاف الرحلات السابقة لإيراده بعض القضايا وما قيل في مناقشاتها من آراء ثم أتبع ذلك برأيه استنادا على ما قيل في الكتب السابقة.
أما الرحالة التجيبي السبتي فبالرغم من نقصان رحلته إلا أنها مليئة بتراجم للعلماء الذين لقيهم وأجازوه والكتب التي حصل عليها مع ملاحظة أن رحلته هدفها أداء الفريضة وطلب العلم.
ومن هنا لا نستطيع الفصل بين أسباب رحلات الرحالة المغاربة والأندلسيين ، وهي أداء الفريضة والسعي لطلب العلم.
أما النوع الآخر من الرحلات فهو عن الرحلات الوصفية :
فممن عني بالجانب الوصفي ابن جبير ، حيث إنه يأتي في المقام الأول بين الرحالة ، ويأتي بعده البلوي والتجيبي السبتي وابن بطوطة والعبدري وابن رشيد وإن انصب اهتمام ابن رشيد على الجانب الثقافي ؛ وبهذا يأتي وصفه مكملا لمضمون رحلته ولكنه ليس الأساس.
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٩٥ ـ ٢٠٠.