يكتف بذلك ؛ بل رحل أيضا إلى المغرب والأندلس حيث بلغ عدد شيوخه الذين أخذ عنهم تسعة وسبعين ومائتي شيخ وشيخة (١). فتمتع بمكانة عظيمة وتمكن في سنة ٧٤٨ ه / ١٣٤٧ م من عقد المجالس العلمية ، فجمع فيها بين علماء تونس والمغرب والتي حفلت بالمناقشات والمناظرات العلمية (٢).
ومن ضمن الرحالة المغاربة والأندلسيين الذين ألفوا البرامج ؛ الرعيني : فبرنامجه يخلو تماما من الوصف الجغرافي ، إذ أورد فيه أسماء شيوخه.
وعدد من ذكرهم من المشارقه سبعة علماء ذكرهم باقتضاب ، أما الباقون فلم يورد عنهم شيئا وسبب ذلك كما قال" لا يعرف طرقهم ولا عمن أخذوا" (٣) لسهوه ؛ لذا فرحلته علمية وهدفه أداء مناسك الحج وإن لم يعن بذكر ذلك.
نلاحظ أن رحلة البلوي والتي قام بها في سبيل العلم وأداء الفريضة قد شملت إلى جانب ذلك الوصف الجغرافي وكتبت بأسلوب أدبي جميل ، فاعتنى البلوي بوصف المدن التي مر بها وحلقات العلم الموجودة بالمساجد ، بالإضافة إلى وصف المساجد مع ذكر الدواوين الشعرية الذائعة في عصره وتراجم الأعلام الذين لقيهم في رحلته والقضايا الفكرية السائدة لتلك الفترة وإجازات لكتب حصل عليها.
ولكل ما سبق اشتملت رحلته على أسس ومقومات الرحلة المغربية والأندلسية. ولا يمكننا القول : إنها برنامج وتراجم لشيوخه فقط. فهي مزيج من رحلة علمية ورحلة وصفية. فكان الناتج نوع جديد من الرحلات يعد خليطا من النوعين السابقين.
أما الرحالة ابن بطوطة فلم تكن رحلته رحلة علمية. وإنما كان ابن بطوطة رحالة بالدرجة الأولى. فسبب رحلته الأساسي ، الحج ومن ثم قام بالسفر والتجوال في أرجاء العالم مع إيراده لأسماء العلماء الذين لقيهم إجلالا لقدرهم.
__________________
(١) ابن جابر الوادي آشي : برنامج ابن جابر الوادي آشي ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ١٥.
(٢) ابن جابر الوادي آشي : برنامج ابن جابر الوادي آشي ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ١٥.
(٣) الرعيني : برنامج شيوخ الرعيني ، ص ١٧٩.