عليه من تراجم وافية وأسانيد مضبوطة وأسماء مؤلفات وكتب. ويمكننا أن نطلق على هذا النوع من الرحلات الرحلات العلمية. وهي أحد نوعي الرحلات المغربية والأندلسية والتي اتخذت أساسا للخروج للحج وأطلق عليه لفظ البرنامج والغالب فيه الجانب الثقافي ؛ إذ يكاد يخلو من الوصف الجغرافي والتطرق للأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي اختصت بها الرحلات المغربية والأندلسية الأخرى.
ومن هنا فالبرنامج نوع من الرحلات قائم بذاته. انصب اهتمام مؤلفه على الجانب العلمي فقط.
وهناك رحالة مغاربة وأندلسيون اعتنوا بالجانب العلمي ، وكتبوا برامجهم التى دلت على مكانتهم العلمية في الدين وعلومه ، مثل ابن جابر الوادي آشي.
إذ أن برنامجه يغلب عليه الإكثار من جمع الأحاديث والرواية ولقاء العلماء. فهو سجل علمي جمع فيه الأدبيات وتراجم العلماء وأسماء كتب مشهورة في ذلك الوقت بعضها لم يعرف إلا من خلال رحلته بسبب فقدها وضياعها (١). أو لعلها فقدت في المشرق ووجدت بعد عدة قرون في طيات كتب هؤلاء الرحالة. بالإضافة إلى عدم معرفة المشارقة أصلا بأسماء مؤلفيها مثل الفاكهي وأبي على الهجري والهمداني فمثل هؤلاء الرحالة كان إسهامهم عظيما في نشر الثقافة ... حيث إنهم حلقة الوصل بين المشرق والمغرب الإسلامي (٢).
تجول ابن جابر الوادي آشي في معظم المراكز الإسلامية المعروفة في ذلك الوقت والتي كانت منار إشعاع للعلم والعلماء. فأخذ الوادي آشي عن علماء في الإسكندرية والقاهرة وبيت المقدس والخليل ودمشق ومكة المكرمة والمدينة المنورة ، وعاد للتدريس بتونس. وقد علا شأنه بفضل ما أخذه وجمعه في رحلته ، ولم
__________________
(١) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م ، ص ٦.
(٢) أبو علي الهجرى : أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع ، ص ١١ ـ ١٢ ؛ الدرعي : ملخص رحلتي ابن عبد السلام المغربي ، ص ١٧.