وشذا خيوط المزن يرسلها الحيا |
|
إبرا وأكمام النبات تفتق |
فأقمنا بذلك البلد بقية اليوم ثم ليلة الأحد ، فلمّا أسفر نهاره ، [٥٨ أ] وحمدت آثاره وتكلّم عصفوره وترنّم هزاره ، وفاخر شيحه بعرفه عراره ، حييناه بصلاة الصبح ، وأملنا من الله الصلاح والنجح ، وفارقناه غير مذمم ، ويممنا (١) إن شاء الله تعالى خير ميمم ، وما زلنا ذلك النهار نساير السبيل حيث سار ، ونأخذ تارة اليمين وتارة اليسار ، بين جنات معروشات وغير معروشات ، وأراض موشات بالربيع منقوشات ، وبطاح وأدواح ، ومروج فساح ، وانبساط (٢) وانشراح ، وبسيط له اتساع وانفساح ، ومياه لها على درر الحصباء انسحاب وانسياح ، وروضات يعترى ويعترض إليها اهتزاز وارتياح ، ووجنات جنات ريقها ندا وثغورها أقاح : [من الطويل]
وأرض من الحصباء بيضاء قد جرت |
|
جداول ماء فوقها تتفجر (٣) |
كما سبحت تبغي النجاة أراقم |
|
على روضة فيها الأقاح منور (٤) |
إلى أن تداعى بنيان النهار في الانهيار ، فوافتنا الرحمة من سائر الأقطار ، بوافر الغيث ومديد الأمطار ، فاستبشرنا وحقّ لنا الاستبشار [٥٨ ب] ودخلنا حينئذ مدينة أسكودار ، وداعي الفلاح يدعو إلى الصلاة الوسطى ، فازداد القلب بذلك سرورا
__________________
(١) وردت في (م) و (ع): «وأممنا».
(٢) زيادة في (م): «وصبا وانبساط».
(٣) وردت في الأصل و (ع): «تنفجر».
(٤) البيتان في تاج المفرق ١ : ١٤٩ بلا عزو.