ولم نزل نفري أديم الثرى ، ونجدب مطي الفيافي بجدب البرى ، إلى أن هرم ذلك النهار ، وكاد جرف اليوم ينهار ، وما بطل السير ولا تعطّل ، حتى أشرفنا على قرية القرطل ، وبتنا بها ليلة السبت رابع عشرين شوال بمكان مشرف عال ، مخضر الجنبات ، طيب النفحات ، مستحسن النبات ، حسن للبيات ، فحين تبدّى النور ، وتكلّم العصفور ، أزمعنا (١) على الترحال ، وشددنا الخيل والأحمال ، واستمر بنا السير متصل الأعمال ، إلى أن وصلنا الى كيكثبزه وقت الزوال ، ودائره البيضاء يتمنى مركز [١٥٦ أ] الزوال ، فأقمنا بها ريثما (٢) نقيل ، ونريح علل الرفاق ونزيل.
ثم رحلنا (٣) منه وسرنا نجدّ في السير ، ونسرع إسراع الطير ، إلى أن جدّ المسير وحمى (٤) الهجير ، فوصلنا إلى ساحل البحر إلى محل التعدّي ، وقد علمنا من تكرر (٥) صحبته ما هو منطو عليه من الجور والتعدّي ، فاخترنا من الجواري المنشئات جارية حالكة السيات ، واستخرنا الله في ركوبها ، ودعوناه في تيسير مرامها ومطلوبها ، ثم حللنا بها وأنسناها ، وتأملنا من الله الرحمة وما آيسناها ، وقلنا لأصحابنا (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها)(٦) ، ثم أسرعت في اندفاعها ، وقد استذرينا تحت ظلّ شراعها : [من الكامل]
فحسبته خوف العواصف طائرا |
|
مدّ الجنان على بنية جناحا |
(ولم نزل نسير والبحور هو (؟) والعيش صفو والزمان لهو) (٧) ، حتى إذا كنا
__________________
(١) بياض في (ع).
(٢) بياض في (ع).
(٣) وردت في (م) و (ع): «ترحلنا».
(٤) وردت في (ع): «وحر».
(٥) بياض في (ع).
(٦) سورة هود آية ٤١.
(٧) ما بين القوسين بياض في (ع).