وواد حكى الخنساء لا في شجونها |
|
ولكن له عينان تجري على صخر (١) |
قد بسط الربيع به بسطا سندسيّة ، ومطارف عبقريّة ترتاح لرؤيتها الأرواح ، وترتع النفوس منها في مراتع الارتياح ، ثم فارقناه وهو يصفر ، ويتبلّج وجهه ويسفر ، ونحن نحضر في السير ولا نخسر ، حتى وصلنا إلى مدينة بعلبك ، وعوض اليقين منها بالشّك ، فنزلنا بها ضحوة النهار على رأس العين ، في مكان أفيح مقابلة فلاة [١٠ ب] مد العين ، بها مروج وروضات هي مرتع النواظر ومتنفّس (٢) الخواطر ، قد أخذت أذوات (٣) الجنان ، وأسفرت عن رفرف خضر وعبقري حسان ، وأتت من الحسن والإحسان ، بما يقصر عن وصفه لسان القلم وقلم اللسان ، كما قيل : [من الكامل]
إني دخلت لبعلبك فشاقني |
|
عين بها الظلّ الظليل مخيم |
فلأجل ذا من أهلها أنا مكرم |
|
ولأجل عين ألفعين تكرم (٤) |
ورأس العين هو مكان كالبركة ، ينبع منه ماء ثجاج ، عذب نمير خصر ليس بملح ولا أجاج ، ويدخل إلى المدينة فيجوب في أكنافها حتى تحس بالري من أظفارها وأطرافها ، وبجانب ذلك المكان صفة متسعة ، وبالقرب منه مسجد كانت تقام فيه الجمعة. وتلقانا بهذا المنزل المذكور جماعة من أعيان أهل المدينة ، وقد رفعت عنهم بواسطة شهر الصّوم المؤنة ، منهم الشيخ الإمام العالم العلامي البهايّ العصيّ (٥)
__________________
(١) هذا البيت مذكور في رفع الحجب المستورة ١ : ٣١ بلا عزو.
(٢) وردت هذه الكلمة في (ع): «منتفس».
(٣) في (م): «أدوات».
(٤) سقطت هذه الأبيات من (م) و (ع).
(٥) هو محمد بن محمد بن علي البعليّ الشافعيّ ، مفتي بعلبك توفي سنة ٩٤١ ه ، انظر ترجمته في : الكواكب السائرة ٢ : ١١ ، شذرات الذهب ١٠ : ٣٤٦ وفيه : «الفصي».