عقبة الكولك (١) المارة النعت ، ذات العوج والأمت ، وعورة المنهج وصعوبة السمت ، فأقمنا به إلى أن رأيت الفجر والنسر (٢) خاضب جناحه ورشا عليّ بالعنبر الورد : [من الطويل]
وحلّت يد الجوزاء عقد وشاحها |
|
إزاء الثريا وهي مقطوعة العقد |
ثم قطعنا تلك العقبة وسلكنا مسالكها المستصعبة ، ولم نزل نرقى (٣) فيها إلى أن بلغنا مراقيها وإذا هناك قلعة قد عقدت الجبل حبوتها ، وأزلقت الغراب أن يطأ ذروتها ، وعصم سوار الوادي الملويّ معصمها ، وحمت غرر دهمائها أدهمها (٤) ، فالخيل [١٦٤ ب] تصعد إليها أنجما بين طالع كطالعها وغارب كغاربها ، والأرجل منها على كرة لا تستقر بأخمص راجلها ، ولا بحافر فرس راكبها ، تأوي الطيور الكواسر لأدنى حافاتها ، وتبلغ النفوس نهايتها عند موافاتها ، وتزلّ أقدام الصاعدين عن أكثر صفاتها ، وتعجز أوصاف الواصفين عن بعض صفاتها : [من الكامل]
يأوي إليها كلّ أعور ناعب |
|
وتهبّ فيها كلّ ريح صرصر |
ويكاد من يرقى إليها مرّة |
|
من دهره يشكو انقطاع الأبهر (٥) |
__________________
(١) وردت في (ع): «الكوالك». وهي قلعة مدورة على رأس جبل شمالي طرسوس بنحو مرحلة ، وهي من فتوحات السّلطان بايزيد سنة ٨٨٨ ه. انظر : صبح الأعشى ٤ : ١٣٥ ، المنح الرحمانية ٥٥ ، قاموس الأعلام ٥ : ٣٩٢٥.
(٢) وردت في (ع): «والنشر».
(٣) وردت في (م) و (ع): «نرتقي».
(٤) هذا الوصف لعبد الرحيم بن علي المعروف بالقاضي الفاضل ، قاله واصفا به قلعة الكرك من بلاد الأردن وهو ما أثبته ابن فضل الله العمري بنصه. انظر : مسالك الأبصار ٢١٢ ـ ٢١٣.
(٥) البيتان في تاج المفرق ١ : ١٦١ بلا عزو. وهي للوزير الكاتب أبو مروان عبد الملك بن إدريس الخولاني. انظرها في مطمح الأنفس ١٧٩.