وقد نشرت في الخافقين علومه |
|
ومقدار سموا وقيمته تعلوا |
ناشدتهم بالله ألا صدقتم |
|
لديّ أجدّ ما تقولون أم هزل (١) |
ولم نزل نسير ، ونقطع حجّة ذلك الوحل الكثير ، إلى أن حان وقت الأصيل ، فبدت الشمس مصفرة كلون العليل ، ونزل ذلك الوبل إلى مرتبة الطل ، وشمّر قليلا ذيله المهطل ، لكنه ما أهمل همله ولا أبطل ، ولا أنعزل عن عمله ولا تعطّل ، ووصلنا إلى قرية القرطل : [من الكامل]
والشّمس قد مدّت أديم شعاعها |
|
في الأرض تجنح غير أن لم تذهب |
خلت الرّذاذ برادة من فضّة |
|
قد غربلت من فوق نطع مذهب (٢) |
والقرطل قرية لطيفة ، تلاصق ساحل البحر ، وسيفه يضرب ماؤه في حيطانها ، ويدخل أحيانا إلى بعض بيوتها وأوطانها ، [١٣٦ أ] وسكّانها نصارى قد أكتسبوا ذلّة وصغارا ، وألبسوا من هواء ذلك البحر نحولا وصفارا ، وبها سمك كثير ، وخان متسع كبير ، وهو مسّبل للمسافرين ، وبالقرب منه عين ماء معين ، وبظاهرها مزارع (٣) وبساتين ، وقد مررت بها على بستان ذي فنون أفنان ، فحيّاني بوجه مشرق ، وحباني برداء مغدق ، وأنعشني بشذا رند معبق ، وأدهشني بأصوات أطيار تنطق ، حتى كأن بكل عود عودا يخفق : [من الطويل]
__________________
(١) من عبارة «ثم فارقتهم والجوانح ملتهبة» إلى هنا بياض في (ع) ، وكتبت هذه الأبيات على الهامش في (م) فذهب التصوير بغالبها.
(٢) البيتان في نهاية الأرب ١ : ٨٢ وجذوة المقتبس ١ : ٢٧٣ منسوبة للأسعد بن بلّيطة.
(٣) وردت في (ع): «مراع».