تسمو إلى كبد السماء كأنما |
|
تبغي هناك دفاع خطب معضل |
حتى إذا بلغت إلى حيث انتهت |
|
وقفت كوقفة سائل عن منزل |
ثم انثنت تبغي الحدور كأنها |
|
طير أشفّ مخافة من أجدل (١) |
فوصلنا حينئذ إلى خان وسيع ، في مرج وربيع ، وعشب مخصب مريع ، وعيون جارية ، وبالقرب منه أطلال بالية ، وعروش خالية ، وآثار أسوار عالية ، وقصور مستهدمة ، تدلّ على أنها كانت مدينة معظّمة ، فنزلنا هناك ولم يحصل ـ بحمد الله ـ من ذلك المطر كبير ضرر ، ولا عظيم أثر ، بل خفف حرّ القلوب ، وأزال تلك الكروب ، ولبّد المسالك والفجاج ، من التراب الثائر والعجاج ، فبتنا بذلك المحل بعد أن [٥٧ ب] تفقّدنا الأحمال ، وأصلحنا الأحوال وذلك ليلة السبت تاسع عشرين شوال ، فلمّا تفرّى (٢) عن وجنة الأفق عذار الغيهب ، وتتوّج كسرى المشرق بالتاج المذهب ، عزمنا على الترحال ، وشددنا على الدواب الأحمال ، ثم سرنا فوصلنا إلى بلدة كثكثيبزه وقت الزوال ، وقد بلغت الشمس من مرتقاها درجة الكمال ، واستقامت مقيمة ميزان الاعتدال ، وهي بلدة عامرة ذات خيرات غامرة ونعم ظاهرة (وأمم متكاثرة) (٣) ، وبها أسواق متّسعة ، وعمارة تقام فيها الجمعة ، عظيمة الآثار مزدهاة ، عديمة الأنظار والأشباه ، منسوبة لمصطفى باشا الوزير ، رحمهالله ، وبظاهرها مرج أفيح ، للناظر فيه مسرح ، وللخاطر مسنح ومشرح : [من الكامل]
ولقد نزلت به وكف ربيعه |
|
في نسج حلة نوره يتأنق |
__________________
(١) الأبيات موجودة في نهاية الأرب ١ : ٤٦ وتاج المفرق ٢ : ١٥٠ بلا عزو.
(٢) وردت في الأصل وفي (م): «تغرى» وما أثبتناه من (ع) بمعنى : انشق وتسير.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ع).