لهم : لا خوف إن شاء الله تعالى ولا حذر ، ولا ضرّ ولا ضرار ولا ضرر ، فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مصاحب [٥٦ ب] لنا في السفر ، فلمّا سرنا هبّت الرياح ، فتنفست من تلك (١) الكرب الأرواح ، وعاودها الروح والارتياح ، وكان هبوبها من طلائع الرحمة ، ومقدّمات كشف الغمّة ، ثم أبرقت السماء فسلّت مذهب نصولها ، ورعدت فضربت مبشّر طبولها ، وجعل السحاب (٢) يعبىء كتائبه ، والرباب يرتّب مواكبه ، ثم ترادف البرق والرعد ، وأنجز بالإغاثة بالغيث الوعد ، ثم صوّب صوب الغمام سهامه ، ثم لبس الجو لحرب المحل لأمه (٣) ، فلم يبق قطر إلّا وقد نفذت فيه تلك السهام ، ولا أفق إلّا وقد علاه من خيوط الودق (٤) مثل القتام ، ثم تتابع رشق القطر ، واتصل الهمل والهمر ، وسالت الأودية كالأنهار (٥) ، وجرت السيول تحت أرجلنا متواترة التيّار ، وانشقت السماء بصاعقة ، لم تزل القلوب منها وجلة خافقة ، وسقطت في البحر كالشهاب في سرعة مروق النشاب ، ثم لم تلبث السماء أن أقلعت ، والأرض أن شربت ماءها وبلعت ، [٥٧ أ] والسحب أن تكشفت وتقشعت ، وعاد الفصل (٦) إلى طبعه ، ورجع الوقت إلى وضعه ، وكان النهار قد عزم على الرحيل ، ورفل في برد الأصيل : [من الكامل]
وبدا لنا ترس من الذّهب الذي |
|
لم ينتزع من معدن يتعمّل |
مرآة تبر لم تشن بصياغة |
|
كلا ولا جليت بكفّ الصّيقل (٧) |
__________________
(١) سقطت هذه الكلمة من (م) و (ع).
(٢) وردت في (م): «الغمام».
(٣) اللأمة : الدّرع.
(٤) الودق : المطر.
(٥) وردت في (ع): «وسالت الأودية بقدرها ...».
(٦) وردت في (ع): «الفضل».
(٧) وردت في (ع): «الصقيل».