تعالى يعاملنا وإياه بخفي ألطافه [٧٠ ب] ووفي عونه وإسعافه بمنه وكرمه آمين) (١).
هذا كلّه وأرباب الدولة مشتغلون بمهم الختان ، المتعلّق بأولاد مولانا السّلطان ، وليس ثمّ موكب ولا ديوان ، واستمر ذلك مدّة وأيّاما عدّة ، استوعبت غالب شهر ذي القعدة ، فلما انفتح الديوان مفتتح ذي الحجة الحرام ، اهتم الوزير بحاجتنا غاية الاهتمام ، والتمس منا كتابة ورقة بما نطلبه ، وما نحن بصدده ، فكتبناها فسلّمها هو لقاضي العسكر بيده ، وأكّد عليه بسبب ذلك ووصّى ، فبادر (٢) ذلك سفر السّلطان إلى مدينة برصاه (٣) وصحبه إبراهيم باشا الوزير الأعظم ، ثم كان عودهما في أواخر شهر المحرّم ، وسنذكر إن شاء الله تعالى ما جرى بعد ذلك من بلوغ المرام ، ثم العود الى بلاد الشّام إن شاء الله تعالى ، ولنلتفت الآن الى سياق التنقلات فى المنازل (٤) الرّوميّة والتفضلات الرحيميّة ، فأقول :
لمّا نزلت بعمارة السّلطان محمد ، وانفردت بذلك المكان المفرد ، وصرت بين أهل تلك المدينة [٧١ أ] كالشامة البيضاء فى الثور الأسود ، أعاني الغربة وأقاسي الكربة ، لا أجد مألفا ولا صديقا ولا أنيسا ولا شفيقا ولا رفيقا رفيقا ، فاستوحش قلبي ، وطاش لبي ، وزاد كربي ، وعظم خطبي ، وضاق صدري ، وقلّ صبري ، وترادفت عليّ هموم ، وتواردت لديّ غموم ، من ذلك فراق الوالدة والأولاد والأهل ، وارتكاب (٥) خطّة أمر لم يكن بالهين ولا بالسهل ، ودخولي في أمر لم أعتده ، وشأن لم آلفه ولم
__________________
(١) ما بين القوسين ورد في (ع) باضطراب ، ولعل الناسخ لم يستطع قراءة النص فرسم الكلمات بأشكالها وفي (م) ورد ما بين القوسين في الهامش.
(٢) وردت في (ع): «فنادر».
(٣) برصاه أو برصه أو بورصا : يقال لها اليوم بروسه إحدى مدن تركيا الواقعة شرق بحر مرمرة على بعد (٢٠) كم وعن إستانبول حوالي (٢٨٠) كم ، وقد فتحها السّلطان العثماني أورخان في جمادي الأولى سنة ٧٢٦ ه وجعلها عاصمة الدولة العثمانية الأولى ، وذكر القرمانيّ أنها ذاتها عمّورية التي فتحها المعتصم. انظر : أخبار الدول ٣ : ٤٢٠ ـ ، المنح الرحمانية ١٩ ، بلدان الخلافة الشرقية ١٨٩.
(٤) وردت في (ع): «المنازلات».
(٥) وردت في (م): «وارتكابي».