إنّما تلك راحة ، وإنّما الزاهد من ألقى غمّها ، وتعب فيها لآخرته.
قال : أبو سعيد يقول : كما زهد فيها يزهد في الراحة فيها فإن الراحة في الدنيا من الدنيا ، ومن نعيمها.
قال : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا علي بن محمّد الحبيبي ، حدّثني أبو عبد الله العمري ، حدّثني أحمد بن أبي الحواري قال : قال أبو سليمان الداراني :
إن قوما طلبوا الغنى فحسبوا أنه في جمع المال ، ألا وإنّما الغنى في القناعة ، وطلبوا الراحة في الكثرة ، وإنّما الراحة في القلّة ، وطلبوا الكرامة من الخلق ، ألا وهي في التقوى ، وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق الليّن وفي طعام طيّب ، والنعمة في الإسلام والبشر (١) والعافية.
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم بن الحكاك ، أنا الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي (٢) ، أنا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم ، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سهل ، نا الحسن بن علي ، نا أحمد بن أبي الحواري قال :
قلت لأبي سليمان (٣) : أريد من الدنيا أكثر مما أعطى ، قال : لكن أعطى منها أكثر مما أريد ، ولو أن عيالي ماتوا ما بعت داري ولا ضيعتي ، لكن كنت أفتح الباب وأعلّق (٤) المفتاح ، وأقول من أخذ شيئا فهو له ، وتدرّعت عباءتي (٥) ولزمت الطريق ، شهوتي أن أبيت في قرية لا يعرفني فيها أحد ، أبيت فيها بلا عشاء.
أخبرنا أبوا (٦) الحسن ، قالا : ثنا وأبو النجم ، أنا أبو بكر الخطيب (٧) ، أنبأ محمّد بن أحمد بن رزق ، أنبأ محمّد بن عبد الله بن أحمد بن عتّاب ، أنا أحمد بن محمّد بن أبي موسى ، نا أحمد بن أبي الحواري قال : قال أبو سليمان : لا يفلح قلب رجل معلّق بجمع
__________________
(١) كذا ، وفي م : والسّتر ، وهو أشبه.
(٢) زيد في المطبوعة ـ وقد سقطت العبارة من م ـ ح وأنا أبو سعد بن الطيوري عن عبد العزيز الأزجي. قالا.
(٣) في م : سليمان الداراني.
(٤) عن م وبالأصل : وأغلق.
(٥) عن م وبالأصل : عيالي.
(٦) بالأصل وم : «أبو الحسن» والصواب ما أثبت ، والسند معروف وهما أبو الحسن : ابن قبيس وابن سعيد.
(٧) تاريخ بغداد ١٠ / ٢٤٩.